ثقافيات

حوار مع الروائي والإعلامي التونسي كمال الرياحي .

لقاء العدد الشهري 128 من ساخر سبيل.

حوار مع الروائي والإعلامي التونسي كمال الرياحي
لقاء العدد الشهري 128 مع قامة ثقافية عربية ؛ الأستاذ كمال الرياحي الكاتب والإعلامي التونسي .
حاوره: محمد هارون .

***

المقدمة: كمال الرياحي ضيف ساخر سبيل اليوم، هو روائي وناقد وإعلامي تونسي، حائز على عدة جوائز عربية ودولية واعتلى عدة مناصب ثقافية وإدارية بمؤسسات إعلامية وثقافية وأكاديمية عربية قبل الوصول لكندا. يعمل ضيفنا حاليا في جامعة تورونتو كمحاضر ضيف يدرس أدب الكتابة عن الذات وفن اليوميات في العالم بقسم الشرق الأوسط بجامعة تورنتو بعد تجربة سابقة بجامعة كارلتون بأوتاوا. يشارك بفعالية بمحاضرات جامعية وبالمناسبات الثقافية للتجمعات العربية الكندية معرفا بالأدب العربي رواية وسيرة ذاتية وقد التقيناه قبل أشهر في البيت الفلسطيني بميسيساغا في لقاء خاص حول تجربته الابداعية أمنتها رابطة الكتاب والفنانين العراقيين وقدمه الشاعر الصديق المشترك الكاتب كريم شعلان وكان اللقاء ثرياً ومتميزاً أفاد وأمتع الحضور وكتبت عنه الصحافة العربية والكندية آنذاك . وكمال الرياحي: كاتب وإعلامي ومدير ورشات كتابة تونسي يعيش في كندا درّس الكتابة الإبداعية في جامعة كارلتون بالعاصمة الكندية أوتاوا ويدرّس حاليا الأدب والكتابة عن الذات في جامعة تورنتو كمحاضر ضيف. عضو بمنظمة القلم الكنديPEN Canada . أدار العديد من المؤسّسات الثقافية في تونس2011/2020 (دار الثقافة ابن خلدون وبيت الرواية …) وترأّس قسم انتاج الترجمة بالمعهد العالي الترجمة بالجزائر التابع للجامعة العربية 2009/2010. أسس أول بيت للرواية في العالم العربي 2018 ومختبر “بيت الخيال” للكتابة الأدبية والصحفية بتونس والعالم العربي وكندا. أسس مشروع “مكتبات الخيال” الخيري لزراعة المكتبات في الأرياف التونسية سنة 2014 وعرف في الإعلام العربي ككاتب مقال رأي ومراجع كتب ومراسل الصحافة الدولية لكبريات الصحف العالمية والمواقع الثقافية والاخبارية منذ تسعينات القرن العشرين وكمعد ومقدّم برامج ثقافية في الراديوهات والتلفزيونات التونسية. ترأس تحرير بعض الصحف والمنابر الإعلامية التونسية والأجنبية منها ” الواشنطوني العربي” صدر له ما يناهز 15كتاب بين النقد الأدبي والسينمائي والسياسي والابداع السردي (قصة قصيرة، رواية، يوميات والحوار الفكري) وعشرات الكتب الجماعية. ترجمت أعماله أو أجزاء منها إلى العديد من اللغات منها الانجليزية والايطالية والفرنسية والسويدية والعبرية والبرتغالية والإسبانية والبولونية والفارسية… وتُدرّس أعماله في العديد من الجامعات العربية الألمانية والإيرلندية، والهندية والكندية والأمريكية. انجزت حول أعماله العديد من الأطروحات ورسائل الماجستير في جامعات العالم. تحصّل على العديد من الجوائز الوطنية والعالمية منها: جائزة الكومار الذهبي لأفضل رواية تونسية عن روايته المشرط 2007 وجائزة ابن بطوطة العربية لفن اليوميات2018 وجائزة هاي فيستفال بيروت 39 لأفضل 39 كاتب عربي 2010 وجائزة ديوان العرب للقصة القصيرة 2005 وجائزة أكاديميا لحرية الإعلام 2015.
نتشرف اليوم بالمبدع الرياحي واليكم حصيلة اللقاء معه .
****
قبل البداية : ونحن بصدد التجهيز لنشر العدد الذي يتضمن مقابلة معكم ..تناقلت الانباء عن مصادرة كتابكم الأخير “فرنكشتاين تونس” ..هل لنا بتعليق قصير من حضرتكم على هذا التصرف الحكومي في تونس.

أرسل لنا الأستاذ الرياحي تسجيلاً سريعا نلخصه لحضراتكم، علّنا نحظى بتفاصيل أخرى لاحقاً.
تلخيص إجابة السيد الرياحي : فعلاً تعرض كتابي ( فرنكشتاين تونس ) للمصادرة أمس الجمعة في معرض تونس للكتاب بعد زيارة الرئيس قيس سعيد للمعرض، حيث قامت عناصر أمنية وجهات من وزارة الثقافة بسحب الكتاب واغلاق الجناح الذي كان كتابي يعرض به وطبعاً الجناح يحوي مؤلفات لزملاء من المؤلفين والروائيين . أما بخصوص مضمون كتابي فهو يتعرض لمسألة الحريات وقضايا الديمقراطية في تونس بعد اغتيال الربيع العربي . وكما هاجم البعض كتابي على ( السوشيل ميديا ) حتى قبل نزوله في المعرض وصل الأمر باخرين مطالبين باعتقالي!! ولكن ومن جهة أخرى بدأت حملة تضامن محلية ودولية وحقوقية تطالب بالافراج عن الكتاب واعادة فتح دار النشر والتي ستعمل كما علمنا على رفع قضية في المحاكم التونسية على وزارة الثقافة .
***
الى البداية والسؤال الأول :

أول ما يخطر على البال، وأنت الكاتب الناجح والإعلامي المشهور في بلاد العرب حيث بيئتك وحقل ابداعك.. لماذا اخترت كندأ؟
عندما قررت أن أهاجر بعد تردد كبير كانت أمامي عروض كثيرة من الخليج وأوروبا وأمريكا وكندا والحقيقية لم أختر في النهاية لاسباب ذاتية ولا حتى ثقافية. بل لأسباب أسرية. فكرت فقط في الجهة الأفضل لأطفالي وعائلتي وباستثارة الأصدقاء. رجحت كندا عن بقية الدول فكان هذا الاختيار.
لإثراء معلومات قراء ساخر سبيل وكندا سبيل حبذا لو استعرضت لنا انجازاتك في الرواية إن كانت مكتوبة بالعربية أو بغيرهأ. عددها وابرزها والترجمات والتوزيع و.. الخ
الحقيقة إن تجربتي الابداعية والأدبية بشكل عام بدأت مبكرا منذ كنت في الثانوي في الصحافة العربية لكن نشرا بدأت مع أول مجموعة قصصية لي بعنوان “نوارس الذاكرة” وكنت في السنة الأولى جامعة وانطلاقا من تلك التجربة تراكمت قرابة 16كتابا منشورا بين قصة ورواية ويوميات ونقد وكتب حوارية مع مفكرين ونقاد ومبدعين عرب وأجانب.
يمكن تلخيص أعمالي الفردية غير الكتب الجماعية الكثيرة في هذه القائمة :
1ـ نوارس الذاكرة، مجموعة قصصية، تونس 1999
2ـ سرق وجهي، مجموعة قصصية، تونس 2001
3ـ المشرط، رواية، دار الجنوب 2006. ط 2 2007 ط 3 دار الساقي بيروت 2012 متحصّلة على جائزة الكومار الذهبي الأدبيّة لعام 2007
4ـ الغوريلا، رواية، دار الساقي، بيروت 2011
5ـ عشيقات النذل، رواية، دار الساقي، بيروت 2015
6ـ حركة السرد الروائي: دار مجدلاوي. الاْردن بحث2005
7ـ الكتابة الروائية عند واسيني الأعرج: دار كارم الشريف تونس بحث2009
8ـ هكذا تحدث فيليب لجون، حوار في سلسلة هكذا تحدث 2010
9ـ هكذا تحدّث واسيني الأعرج: حوار في سلسلة هكذا تحدث 2010
10ـ نصر حامد أبو زيد/ التفكير في وجه التكفير دار كارم الشريف تونس 2014
11ـ فن الرواية ، دار سوتيميديا تونس ط2 ، الجزائر تقرأ ط 1، الجزائر، 2018
12ـ واحد صفر للقتيل. منشورات المتوسط ميلانو ايطاليا. 2018 متحصل على جائزة ابن بطوطة العربية.
13ـ البيريتا يكسب دائما، رواية، منشورات المتوسط، إيطاليا، 2020 ط 2 دار الكتاب 2020.
14ـ فرنكنشتاين تونس. مقالات رأي، دار الكتاب، تونس 2023.
15ـ لا ترفعوا هذه الجثامين، يوميات،. 2023 تحت الطبع
16ـ في الرواية: الموت، البعث والتحوّل، منشورات سوتيميديا، 2023

س: لنغوص في حقل الرواية والسؤال المتدوال، هل الموهبة وحدها ضرورية ليصبح الكاتب مشهورأ، أم هناك دروباً أخرى على من يرغب بالكتابة أن يسير بها ؟

الشهرة يمكن أن تكتسب بلا موهبة أدبية فكتاب المنصات الآن أكثر شهرة من نجيب محفوظ وأكثر مبيعا منه ون كل الفائزين بنوبل لكن إذا كنت تقصد القيمة الأدبية فذلك لا يحتاج موهبة وعملا كبيرا فقط بل يحتاج أن تهب حياتك كلها للكتابة. الكتابة عمل شاق جدا وتحتاج عمل بدني وعمل ذهني كبير لكي يستطيع الإنسان أن يكون كتابا حقيقيا. شبهت يوما الكاتب في آخر عمره بالملاكم آخر عمره كلاهما مدمر لأنه عرّض ذهنه وجسده وأعصابه لكل أنواع واشكال العنف والشقاء.

س:نتابع أنشطتك في الجامعة والتجمعات الثقافية الأخرى وخاصة في مجال ورش التدريب على فنون كتابة الرواية فهل تعتبر صفة “المدرب” بمعزل عن صفة الكاتب الروائي وهي بالتالي مستقلة بذاتها، أم هناك تلازم وتداخل وتكامل بين الصفتين؟
مازلت أتحسس المشهد في كندا وبعد سنتين يمكنني أن أقول إن الحضور الثقافي العربي محتشم وهو شبه معدوم مقابل أنشطة الجاليات الاخرى الايطالية والاسبانية والسيريلنكية وطبعا الفرنسية وغيرها
الأنشطة العربية الكبيرة تكاد تقتصر على مهرجانات الأكل والحقيقة هذا مؤلم جدا. باستثناء ما رأيته من نشاط محترم في البيت الفلسطيني والذي يحتاج بدوره إلى مزيد التطوير وتقديم برمجة جديدة على طول السنة كما يبدو حظ الكتاب العربي صغير جدا. هناك تكاسل كبير في دعم الكتاب العربي في كندا توزيعا واحتفاء رغم وجود عدد مهم من الكتاب والباحثين العرب هنا وأسعى من جهتي في لم شملهم والتعريف بهم للجاليات العربية ونقل أصواتهم للعالم والعالم العربي ولعب دور الجسر الثقافي بين المبدعين والمشهدين الكندي والعربي وهذا ما فعلته بتقديم كتاب عرب في محاضراتي الاسبوعية بالجامعة هنا أو في مراكز ثقافية وتدريس بعض التجارب العربية للطلبة والكتابة عن اصدارات الكتاب عنا للصحافة العربية وقريبا سأنطلق في تجربة إذاعية لتقديم الكتاب العربي هنا وفي شتات العالم مع راديو يبث من كندا.

س: وأنت تكتب رواياتك هل تأثرت بروائيين عرب أو أجانب؟ من هم؟ وكيف؟
في الحقيقة أنا قارئ نهم منذ طفولتي والقارئ الذي يقرأ آلاف الكتب يصل إلى لحظة فقدان الدهشة التي تجعله يتأثر بكاتب دون غيره لذلك يمكنني أن أقول أنني هبة المكتبة كما كتبت سابقا لكن ذلك أيضا يجعل تأثري ميكروفيزيائي أي غير مرئي وهذا ما نسميه يخلق الأسلوب فاعتد بعد كل هذا التراكم خلقت أسلوبي الخاص الذي سميز جملتي ونصي وروايتي عن بقية ما يكتب في العالم العربي وليس في هذا ادعاء أو أفضلية بل تاكيد اختلاف.

س: كيف ترى مسيرة الرواية العربية حاليا وخاصة في المهجر حيث الحرية في الإبداع متوفرة.
الرواية العربية في كندا وامريكا ليست متجانسة وتنقسم إلى انواع
الناطقة بالفرنسية في الكيبيك وهي متواضعة والمكتوبة بالإنجليزية وهي نادرة. لكنها ناجحة يمكن أن نمثل ها بتجربة عمر العقاد وراوي الحاج والمكتوبة بالعربية وهي متنوعة وشرعت في الاهتمام بها وربما اخصص لها كتابا الشنة المقبلة. لكني لاحظت وجود نصوص متميزة تستحق العناية والتشجيع وتسليط مزيد من الضوء عليها. أما مسألة الحرية فوحدها لا تكفي لتنشأ رواية جيدة، ففي شعوب ترزح تحت الديكتاتوريات عبر التاريخ نشأ كتاب كبار، نحن نحتاج إلى ظروف جيدة للكتابة والتفرغ لها وهذا مرتبط بأمور كثيرة منها توفر الوقت والاستقرار المادي وتوفر شروط المعرفة والبحث وصناعة الكتاب وأعتقد هذا غير متوفر للكاتب العربي الذي يكتب بالعربية في كندا فالحياة هنا تبدو أحيانا أقسى بكثير عكس ما يعتقد الناس عن تلك الحياة في الدول الأم التي أتينا منها. في لقب الرأسمالية المتوحشة لم ينجح الأدب إلا بوصفه صناعة غربية ونحن مازلنا نتأرجه بين العيش في أحضان الرأسمالية المتوحشة بكل اكراهاتها وطموحنا في كتابة أدب يحمل قيما مازلنا ندافع عنها لا تعني هذا المجتمع الرأسمالي. التخييل هنا جزء من التجارة والصناعة وصعب أن يندمج فيه الوافدون إلا حالات قليلة وجدت من يحتضنها مبكرا.

س: وأنت صاحب عبارة – الكتابة إن لم تكن ثورة فلا معنى لها – هل من تفصيل لهذه العبارة المفصلية؟
الكتابة بالنسبة إلي مغامرة في الشكل كما هي مغامرة في المتن فالثورة هي ثورة مزدوجة. علينا أن نكتب نصا جديدا لا يراهن على القارئ المستهلك بل على قارئ ذكي يجتهد بإنتاج المعنى عند قراءة العمل الأدبي. لكي يصل أدبنا الى مستوى يليق بتراكماته التاريخية. علينا أن نكف عن مراكمة النصوص المبسترة والساذجة وهذا يتطلب وعي كبير من الناشرين وخلق مؤسسات أخرى كالمحرر الأدبي ولجان القراءة وورشات الكتابة وصحاف ثقافية قوية تروج لتلك التجارب وتقطع مع الترويج للرديء.

س: كمال الرياحي الكاتب الأنيق الذي يظهر دائما بالواقع أو على وسائط التواصل الاجتماعي باسماً أنيقاً خلاف ما يدور بأذهاننا عن كتّاب الروايات، السؤال: هل يستطيع الكاتب الروائي أن يكون “سوبر ستار”؟
أعتقد أنني الكاتب معاصر لا غير وهناك أربعة أصناف من الكتاب؛ الذين يتعمدون الظهور في شكل سيء متبنين بوهيمية ما وهؤلاء لا أنتمي إليهم ولا أعتقد أن الأدب العربي استفاد منهم يوما ما فحتى بوهيمي الأدب العربي كانوا كتاب انيقين وكتاب اخرين شديدي الأناقة ويحرصون على الظهور الراقي والأنيق ويعتبرون أن صورة الكاتب يجب أن تليق بمكانته وبجمال أعماله كيوسف ادريس وتوفيق الحكيم وطه حسين وميخائيل نعيمة ويوسف السباعي وكل هؤلاء كانوا رواد الأدب العربي وعالميته في ان ولهؤلاء يشرفني أن انتمي في علاقتي باللباس وهناك صنف ثالث وهم كتاب بلا أي ذوق وتشووهم في اللباس جزء من تشوه شخصياتهم ونصوصهم أبعدهم الله عنا كما أبعد الله عنا الأنيقين بلا نصوص وهم الصنف الرابع

س: في الختام، كلمة أخيرة للقراء الكرام في ساخر سبيل وكندا سبيل .

اتمنى لساخر سبيل المزيد من التألق والنجاح والقراء عاما جميلا ومثمرا ونرجو أن نؤسس معا ربيعا جديدا للثقافة العربية في أمريكا الشمالية بتضافر الجهود؛ اكادميين ومثقفين ومبدعين وصحفيين ورجال أعمال وقراء ومؤسسات. وأرجو أن نقبل على الكتاب العربي عبر الندوات والصالونات وبعث المكتبات ودور النشر والعمل على تطوير حضور اللغة العربية هنا في المشهد الثقافي ولم لا في الجامعة. فلا مستقبل لثقافة أي حضارة بلا كتاب وبلا فنون ثقافية .
***
من أسرة ساخر سبيل نتمنى للأستاذ الفاضل كمال الرياحي ضيف هذا العدد كل التوفيق والنجاح في خدمة اللغة والثقافة العربية ومتابعيها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock