أمام ضريح الشهيد ” أبو عمار ” في رام الله…إخلع نَعليكَ يا موسى!!!
هشام زهران – تورنتو
ليسَ مشهداً عادياً رتيباً ….ولا متجراً للملابس القديمة….هذه الأجواء مفعمة بتاريخ كفاح شعب…وهذه الملابس ملتصقة برائحة زهور بيروت ونعناع يافا وبحر غزة…
هنا غرفة نوم الختيار الحبيب الشهيد الرمز الزعيم ياسر عرفات “أبو عمار” وهذا ليس نوعا من فنون التملّق و”تقديس الشخصية” ان نخلع كل هذه الألقاب والأوصاف على شخصية…فعندما يمنح شعبٌ باكمله هذه الالقاب لشخص فهو بالضرورة عن استحقاق وجدارة وليس مجرّد كهنوت!!
ما دفعنا لنكتب عن غرفة نوم الختيار وضريحه في رام الله – بعد سنة ثالثة اغتراب قسري عن فلسطين- هو زيارة قام بها الصديق أحمد أبو شمط للأراضي المقدسة ومنحنا هذه الصور في جولته الخاصة التي طاف فيها عدّة مدن في فلسطين المحتلة وكانت زيارة ضريح الشهيد محطة من المحطات الأكثر اهمية….
رغم المسافات الجغرافية العظيمة بيننا وبين رام الله لكن صور غرفة الشهيد بعثت روائح من الأمس ربما كادت ان تكون منسية في زماننا…بساطة السرير الخشبي والفراش وهو ذاته الموجود في بيت كل فلسطيني ..هو سرير الفقراء والخزانة بما فيها من ملابس الختيار العسكرية وكوفيته وكما اكد الكثير ممن زاروا المكان من أبناء الثورة ولمسناها بانفسنا في زيارات سابقة قبل وبعد استشهاد الختيار ، ما زالت تنبعث منها روائح الزهور في بيروت ورائحة التراب في الأغوار الأردنية ورائحة بحر غزة ونعناع يافا وحكايا أخرى!!!
طاولة اجتماعات الختيار الخاصة بسيطة كبساطته ولم يكن الأمر بحاجة لطاولة خمس نجوم لعقد اجتماع في ظل حصار كبير ،وكان مسدس الختيار يزّين الطاولة اكثر من أي شيء آخر وخاصة عندما يضعه أمامه في حالة غضبه أو استنفاره العسكري وشعوره بالخذلان!!
السلاح الرفيق “الكلاشنكوف” ما زال مكانه والمسدس الشخصي الذي لم يكن يفارق الختيار كان ايضا حاضرا في المشهد…لكن غصن الزيتون ذبل كثيرا وليس له مكان في هذا الزمن الأصفر الذي لايعترف بسلام ولا تسويات…
اذا كانت الكتابة رجعُ صدى لهمسات أو صرخات في اللاوعي فإنّ اصدَقها ما يمكن ان يكون نزيفا صامتا يكاد يصبح صرخة…ونحن نرى أن هناك من يريد أن يسرق إرث الختيار “البندقية” ويسقطها من حسابات رحلة العودة إلى الجذور…ووصية الشهيد بان ينقل رفاته إلى القدس بعد التحرير ما زالت عالقة!!!
على بوّابة الضريح المقدّس الذي ما زال ينتظر نقله إلى القدس..همستُ عبر الأثير في أذن صاحبي “إخلع نعليك يا موســــــــــــــــى!!!”