ثقافيات

الصرح الفلسطيني في كندا

بقلم : نبيل نصّار 

منذ سنوات طويلة بدأت بعض الشخصيات الفلسطينية التي هاجرت الى كندا مشوار التوعية الذي كان يهدف الى تثقيف الشعوب الغربية وخاصة المجتمع الكندي حول قضيتنا الفلسطينية العادلة ، ورغم عددهم القليل وإمكانياتهم المحدودة استطاعوا ان يكسبوا ثقة وتعاطف الكثيرين من الشعب الكندي بكافة أطيافه وفئاته الإجتماعية والسياسية ، وعلى هذا أنشات الجمعيات والمؤسسات التي حملت إسم فلسطين وعملت جاهدة ومشكورة على مستوى المدن والمحافظات لحمل الرسالة . 

    تضاعفت الأعداد وكبرت الجالية وزادت معها الحاجة الى تطوير هذه المؤسسات لتقوم بتقديم الخدمات والمساعدات المختلفة للقادمين الجدد ، وكان لكلٍ منها دوره الملموس ومن أبرزها الجمعية العربية الفلسطينية التي تعتبر من أقدم المؤسسات الفلسطينية في كندا حيث انشأت عام 1967 ، وفي عام 1993 توجت جهود القائمين على هذه الجمعية بمساعدة العديد من أبناء الجالية بإفتتاح أكبر مركز إجتماعي لجالية عربية في أونتاريو وحمل هذا المركز إسم ” البيت الفلسطيني ” .

هذا الصرح الذي خدم العديد من أبناء وعائلات المهاجرين الفلسطينيين الى كندا قام بدورٍ فاعل وموثق لدعم الجالية الفلسطينية حتى أصبح محط أنظار وإعجاب الكثيرين لما قدمه من خدمات في مجالاتٍ عدة منها الإجتماعية والثقافية والسياسية ، ومع مرور السنين وتضاعف الأعداد وتغيرت النشاطات وأختلفت المصالح وظهر الطابع الحزبي والفصائلي ليطغى على المصلحة العامة وذلك انسياقاً وراء الأحداث العصيبة وظروف الفوضى التي سادت وطننا العربي بأكمله ، اضافة الى تعدد الخلافات بين قيادات الشعب الفلسطيني وخاصة في الأراضي المحتلة .

غمرتنا المشاكل وتفاقم الانقسام وانعدمت الثقة في مصداقية العمل والقائمين عليه في هذه المؤسسة الهامة .

هكذا أصبح بيتنا محطة للقيل والقال وأبتعد عنه الكثيرين وساءت سمعته في الداخل والخارج ، وللأسف على أيدي وألسنة أناسٍ لم تطئ أقدامهم البيت الفلسطيني مسبقاً

ولكنهم فضلوا تصديق الشائعات لا بل ونشرها بدلاً من العمل على إصلاح الخلل وتصحيح الأخطاء التي أدت بنا الى هذه الحالة المتردية .

قبل أن نبدأ بلعبة اللوم والعتاب والتكفير والتخوين لبعضنا البعض لنقف لحظة ونتأمل ما هي الأسباب التي أوصلتنا الى هذه الدوامة ؟ متى فقدنا البوصلة وتُهنا في ظلام الفرقة والضياع .

إن الإجابات على هذه الأسئلة كثيرة لكنها لن تفيدنا بشيئ فهي تحمل تجارباً وأسماءً ومواقف مالها إلا أن تعمق الشرخ وتزيد المشاكل تعقيداً ، لذا فإن أفضل اجابة لهذه الاسئلة هي كلمة   ” لا يهم ” فليس مهماً معرفة من أخطأ بقدر أهمية محاولة تصحيح الخطأ والعودة بالبيت الفلسطيني الى مربع الثقة والفخرِ والإعتزاز بالإنتماء وعندها يمكننا محاسبة كل من أخطأ بحقنا وحق المؤسسة وحق الجالية وكلٌ بمقدارِ خطأه .

إذا أردنا أن نعيد الى البيت الفلسطيني هيبته علينا أن نبدأ بوضع رؤيةٍ واضحة لما نود أن نحقق من أهداف لخدمة الجالية واضعين الأجيال القادمة في الحسبان ، فإذا عرفنا المطلوب والهدف ، سهل علينا إيجاد الحلول والطرق لتحقيق النجاح الذي نصبوا اليه .

لعلّ من أهم الأهداف المرجوة للبيت الفلسطيني 

• ان يكون بيتاً للجميع أي أن يكون جامعاً لكل الفلسطينيين في المنطقة بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أو توجهاتهم السياسية والحزبية .

• أن يكون المحطة الأولى للمهاجرين الجدد حيث يجدون من يستقبلهم ويساعدهم على تخطي العقبات الأولى التي يواجهونها من ترجمة وإيجاد السكن وتعبئة طلبات الصحة والهجرة والمدارس .. الخ .

• العمل على بناء مجتمع فلسطيني متكامل وفي نفس الوقت مندمج في المجتمع الكندي بكل النواحي الثقافية والإجتماعية والسياسية للمشاركة في صنع القرار المحلي بما يخدم مصالح الجالية ومتطلباتها .

• العمل على الحفاظ على التراث الفلسطيني وإلقاء الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال للمساهمة في مشروع النضال الوطني التوعوي .

• إستغلال القدرات والكفاءات الموجودة في الجالية لإعداد ومباشرة برامج تعليمية وثقافية للأطفال والشباب تشمل تعليم اللغتين العربية والإنجليزية بالإضافة الى الأداب الإجتماعية الفلسطينية للحفاظ على بعض عاداتنا وتقاليدنا التي لا تتعارض مع القوانين الكندية .

• التنسيق مع الجمعيات والمؤسسات الأخرى لتمثيل الجالية الفلسطينية بشكل لائق لدى الحكومة الكندية بكافة مستوياتها .

هنا وبعد ان أوضحنا بعض الأهداف التي يصبوا ويتطلع إليها أبناء الجالية الفلسطينية في كندا يبقى أن ننطلق إلى مرحلة التطبيق ولعلّ أفضل الطرق لتحقيق هذه الأهداف هو التقيد بهذه الأهداف ومتابعتها حتى لو تغيرت الهيئات الإدارية للمؤسسة ، وفي هذا السياق قمنا بوضع خطة عمل تتضمن كل الأهداف منها الفوري ومنها بعيدة المدى وتعمل ضمن روابط زمنية محددة ، ويتم تطبيقها عن طريق إشراك أكبر عدد ممكن من ذوي الكفاءات في إدارة البيت الفلسطيني عن طريق لجان عملٍ متعددة ومتخصصة ، ولجان العمل تتضمن :

1- لجنة شبابية يكون المسؤول عنها من الشباب تحت توجيهات الهيئة الإدارية ويكون للشباب فيها حق التوصية في صنع القرار بما يتلائم مع ثقافاتهم وطرقهم الحديثة في التعامل .

2- لجنة نسائية يكون لها دورٌ هام ومؤثر في صنع القرار بما يتعلق بوحدة العائلة الفلسطينية وتماسكها.

3- لجنة لكبار السن من أباءنا وإخواننا لتقديم خدمات ونشاطات تبقيهم في الطليعة مع العرفان بالجميل الذي قدموه خلال السنوات ، والاستفاده من كنوز خبراتهم .

4- لجنة نشاطات إجتماعية تهتم بمشاركة الجاليات والجمعيات الأخرى للإنفتاح على باقي المؤسسات الخدمية في المدينة .

5- تشكيل لجنة توافقية مع جميع أبناء الجالية والمؤسسات الأخرى لإختيار ممثلين للجالية الفلسطينية أمام الرأي العام والحكومة الكندية ، والهدف من ذلك هو أن يكون للجالية الفلسطينية من يتحدث رسمياً بإسمها .

6- لجنة متابعة للعضوية تقوم بإستقطاب الأعضاء الجدد حيث تبادر بالتواصل مع الأفراد والعائلات ، وإطلاعم على خدمات البيت الفلسطيني .

إن رسالتي الأخيرة في هذا المقام هي الرجاء من جميع أبناء الجالية الفلسطينية المهتمين بوحدتها والغيورين على مصلحتها أن يبادروا بالإنتساب الى عضوية هذه المؤسسة العريقة والتي نتمنى بجهودهم الى جانبنا ان يعلوا شأنها وتعود الى طليعة العمل الوطني الإجتماعي في كندا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock