ثقافيات

“توقيع كتاب” لكريم شعلان .

"رواية لميس " في الأسواق قريباً

كندا سبيل – ميسيساغا

استضاف البيت الفلسطيني بميسيساغا مساء السبت 29 حزيران يونيو حفل توقيع كتاب للمبدع كريم شعلان وهو الشاعر والقاص الكندي العراقي المعروف . الرواية حملت اسم ” لميس “. حضرت صاحبة القصة السيدة لميس عمران الحفل وشاركت بمداخلة عن ما كتبه وبمشاركتها الاستاذ كريم شعلان عن حياتها الصعبة والقاسية في العراق بعد خيانة زوجها وهروبه بطائرة حربية الى جهة مجهولة وتحملها تبعات ذلك الهروب .

في البداية شكر الاستاذ شعلان البيت الفلسطيني الذي استضاف حفل التوقيع ورحب بالضيوف الكرام وخاصة الذي قدموا من مدن بعيدة ، ثم تحدث  عن ظروف العمل وصعوبته والتحديات التي مر بها ولكن تم وانجز بالنهاية وطبعت الرواية والتي ستكون متوفرة قريبا جدا في الاسواق .

كما شاركت السيدة أمل حبيب بمداخلة شيقة عن انجاز هذه الرواية والسيدة حبيب هي أحد اضلاع العمل الأساسية حيث ساهمت بالتاسيس والتجهيز والمتابعة لكل صغيرة وكبيرة حتى وصلت حفل التوقيع.

ناقش السادة الحضور وخاصة النقاد والأدباء الذين اطلعوا على الرواية حديثاً ، ناقشوا  الكاتب شعلان  بالعديد من القضايا التي طرحت في مفاصل الرواية ودهاليزها خاصة وان البعض قد اعتبرها وثيقة تفضح ما مارسته انظمة القمع ضد شعوبها وخاصة اضطهاد المرأة وباشكال فظيعة وطالبوا بترجمة الرواية للانجليزية .

بنهاية الحفل اقيم حفل للسيدة لميس عمران بمناسبة الشفاء والخروج من المستشفى وبمناسبة عيد ميلادها بنفس الوقت . ادار الحفل الأستاذ محمد هارون .

مرفق لحضراتكم بعض الصور من الحفل .

تالياً ما كتبته السيدة الناقدة نيران العبيدي عن الرواية :

حقيقة هنالك إشكالية بالمفهوم الأدبي لروايات السيرة الذاتية ،أو حتى السيرة الغًيريّة (سيرة الآخر) أو (الهو) التي نحن بصددها بهذه الرواية، هل هي شكل من أشكال الرواية؟ وهل الروايات سيّر ذاتية أم السيّر الذاتية أو الغَيريّة هي راويات؟ حقيقة هذا النوع من الأدب هو طريقة يستثمر بها الكاتب حياته أو حياة الآخرين داخل النص، متخذاً شخصاً حقيقياً وليس من الخيال موضوعاً لأحداث روايته بشكل شيق، وسرد أقرب للرواية أو ربما هي الرواية ذاتها.المؤلف بالسيرة الغَيّريّة او الآخرية ، يشرع بإعادة بناء حياة الشخص الذي كتب عنه بتفاصيلها بناءً على وجهة نظره الشخصية على الرغم من أن الكاتب لا بد هنا من أن يلتزم الحياد وتوخي الدقة والموضوعية في أثناء السرد، وعادة ما يتطوع الراوي بتتبع رواية حياة إبداعية في مجال حيوي ومعرفي معين يعتقد بأهميتها وضرورتها وأحيان أخرى لخطورتها كما نحن بصدد هذه الرواية….الكاتب بمثل هذه الرواية يحاول جهده بتقصي الحقائق معتمداً على حدسه وإحساسه في خفايا الأحداث والكشف عن قرارها لرفعها للعلن معطياً دفقاً هائلاً من المشاعر والتعاطف، وأحيانا الحب لهذه الشخصية من أجل مقبولية أكبر للمتلقي، لأحداث جامدة ربما لا نحب نحن الاطلاع عليها، لكنه يقدمها لنا متحدياً مجال الأحداث ليحولها الى ممارسة كتابية ووعي كامل لإدراك العالم المحيط بالشخصية. الكاتب كريم شعلان كتب في الصفحة 9 تحت عنوان هروب ضابط طيار عراقي (هذا الخبر الذي هز الدولة كان على نسبة عالية من التعتيم لكنه كان مفتوحاً أمامي أنا وحدي، أنا التي سوف أواجه هذا الخبر بكل تفاصيله وتحليلاته وأبعاده ومسبباته ونتائجه وتداعياته).. الخ . وعلينا معرفة ترجمة هذه الكلمات بتتبع الفصول لمعرفة الواقع المزمع إعلانه، وهي فاتحة موفقة وذكية من كاتب متمرس يستطيع التلاعب بالكلمات ليجعلها باباً للدخول إلى سيرة لميس المادة الخام التي كتب عنها. في فصل تحقيقات أولية: شحذ الكاتب كريم شعلان أسلوبه الشعري، وكتاباته ذات النفس التهكمي بالقصة ليطبقها في هذه الرواية مختصراً الكثير من الكلام النقدي لنظام أشبه ما يكون فاشستي، لا يستطيع أي كاتب أن يلم بوصف طرق التعذيب والاضطهاد للبشر، بل يجعلنا ندرك أن مبدأ شخصية الجريمة المعروف عالمياً ودولياً في كل اللوائح القانونية والإنسانية التي تحدد أن العقوبة يجب ألا تتجاوز لغير الجاني، لكن في نظام صدام حسين تتجاوز حدودها فتشمل الزوجة والاهل، والأقارب وربما حتى الأبناء فيقول: ص 26 “لم يتكلم الوزير كثيراً أو لعله لم يقل سوى ملاحظته الوحيدة التي يعتقد أنه شخص الدليل على ادانتي بها”. في الصفحة 27 يستطرد عبر أسلوبه التهكمي لوصفه الأحداث فيقول: “جثث تسحل من الغرف المجاورة في الممرات، أجساد لا تبدو ملامحها، أجسام هافتة أو رافسة برمق أخير وحراس ينتصبون بكل حزم ووطنية”. أما في الصفحة 31 لا نعلم إن كنا نبكي أم نضحك من تهكم كاتب ناقد يعلم خبايا النظام، ويسخر بكل ما أوتي من قوة وبلاغة أدبية وشعرية فيقول: “أقترب الحارس بوجه أسمر مزرق وشوارب مدهونة بسم الثعابين” كريم شعلان، وكعادته يحب كل ما هو غريب وغير مطروق فيضمن نصه ببعد غرائبي وصور سريالية متهكمة، فيصف لنا عينا المحقق في الصفحة 34 على لسان البطلة: “انسحب إلى الخلف وبدا بهيئة عملاقة، واتسعت عيناه لتتحولا الى ساحة كبيرة مليئة بالجثث التي سحلوها من ذلك الممر”. ويُظهر لنا أن فصل التحقيقات الأولية مليئة بالصور السريالية لجسامة أحداثها فينقلنا إلى اللامعقول في محاولة منه لشرح ما يجري بتلك الأقبية فيقول: ص 35 “صرت أصرخ وأصرخ وأتخيلهم يتساقطون أمامي كالذباب الذي كانت أمي ترشه بالمبيد، لم أعد احتمي بأسماء الله، حتى الله فرّ مرعوباً هارباً في تلك اللحظة الغرائبية أو الفنتازيا التي يصورها لنا كريم شعلان هي جزء من إدراك الكاتب بأنها الوحيدة المعبرة عن متاهات الخيال والتي يعدّها مركز اللامنطق والشذوذ أو غير المألوف من الصور، ليرسم لنا صوراً جديدة للواقع الذي نعيشه، لا يستطيع الإنسان العادي رؤيتها أو إدراكها، فينقلنا إلى الخيال ليشخص أمراضها معتمداً على لغة راقية وجميلة أقرب الى الشعر من النثر. فيقول في الصفحة 57ضمن فصل التأويل على لسان البطلة: “اعتبر التأويل نجاة من التفسيرات المباشرة الصادمة، وأثق بأن التأويل هو أفضل السبل التي أوجدها الإنسان ليدافع بها عن نفسه إزاء المصائب التي تمتلئ بها الحياة، لذا الجأ إلى تفكيك صور الجنرال أحياناً، صورته على الجدار، أقتبس منها رسم النسر في مقدمة القبعة، وأتخيل النسر طائراً حرّاً في سماء صافية، تمر من تحت جناحيه صور الحقول والجداول والأطفال في قرى تنام على ضفاف الأنهر المستسلمة لهدوء الطبيعة الجميلة”. يقول الدكتور سعيد علوش أستاذ اللغة العربية بجامعة المغرب عن مفهوم الغرائبية الفنتازيا: “هي عملية تشكيل تخيلات لا تمتلك وجوداً فعلياّ ويستحيل تحقيقها، والفنتازيا الأدبية عمل أدبي يتحرر من منطق الواقع والحقيقة في سرده، فكل استعارة هي خرافة”. صور عديدة لا أستطيع ان أوجزها جميعاً في هذا المقال، لكن المتذوق يستطيع أن يشعر بكل كلمة وصورة استطاع كريم شعلان أن يحول الحدث البشع في الرواية إلى جمالية عالية التقنية، فنلاحظ مزيداً من هذه الصور في الصفحة 47 تحت عنوان عندما يتخلى الله عنك…. “بأصبع يد واحدة تستطيع أن تقول كل شيء، هذا ما اثبتته التجربة الحية. يشير لهم بأصبع واحد (أجلبوها) وبأصبع آخر يدفع قدح الشاي الذي أمامه وبأصبعه الصغير ينظف أذنه من شمع وقذارة تراكما عبر عصور، وبسبابته يؤشر جميع التهم الموجهة للجميع، وهو يظن أيضاً بأن بأصبعه الوسطى يستطيع فض بكارة الوجود”. استعمال التضاد هو تأكيد على منحى السريالية التي ينتهجها الكاتب، فيحاول ايجاد بعض الروابط والتناقض بطرحها في موضوعاته، وهذا عمل ليس يسيراً وإنما يتمتع به الكاتب المتمرس الذي يعي كيف يلغي زمن الرواية، ومكانها ليحولها إلى إحساس وشعور فيقول: في ص 47 “كنت قد سمعت عن لغة الجسد لكني هنا رأيت سلوك الجسد من خلال لغة، لغة أصابع اليد الواحدة، هذه اللغة لا تتعدى كونها قبحاً مطلقاً وسلوكاً شائناً”. رواية لميس استعمل فيها كريم شعلان ضمير المتكلم أنا، وكانت لميس هي البطلة وهي الراوي وعلى مدى 163 صفحة تتكلم عن معاناتها وما جرى لها من اعتقال وتعذيب، لذا أرى أن صوت ضمير المتكلم ليس بالضرورة قوة في سرد رواية السير الذاتية أو الآخرية، ربما يفهم منها صوت ضاغط على الكاتب، وإن كان الكاتب حراً باستعمال أدواته الفنية والتقنية، لكن برأيي لو أعطى مساحة لصوت آخر أو لراوٍ عليم، لإعطاء الخلفية المرادة من الأجواء المحيطة بالبطلة وطبيعة النظام السياسي بشكل أكبر، وأسهل بكثير، إضافة إلى إعطاء مساحة بالسرد أفضل من منلوجات متعددة على شكل فصول، لم تدع البطلة لميس الانفكاك منها فجاءت مثقلة بصوت الأنا، وكانت مداخلات ونفس الكاتب مضافة للبطلة، لكننا ندرك أن وعي البطلة لميس جاء متأخراً بعد اعتقالها، وبعد انشقاق زوجها من النظام الذي كان هو جزء من هذه المنظومة ويدها الضاربة، وما كان من وعي مكتوب هو بالحقيقة وعي الكاتب كريم شعلان. ممارسات السلطة القمعية التي تدينها البطلة فيما بعد، هي بعد أن تتحول إلى ضحية حالها حال أغلب نساء العالم أولى ضحايا الحروب، والأنظمة القسرية، والتغييرات السياسية الكبرى العاصفة في أي بلد لاسيما بلد مثل العراق. البطلة التي فضحت النظام القمعي الصدامي كانت جزء من تلك الطبقة النفعية التي تحاول الوصول لأدوات النظام بما تمتلك من منافع سلطوية، ووجاهة حزبية واجتماعية ببلد شمولي عقائدي، هذا إذا عرفنا أن زواج ضابط طيار أيام النظام السابق كان يستدعي أكثر من موافقة أمنية وحزبية ومعرفة تاريخ العائلة للفتاة الاجتماعي والسياسي قبل الارتباط، بمعنى أنها مرت بكل تلك المراحل وحصلت على نجاح ساحق بالموافقة بالزواج لاسيما أنها كانت خطيبة سابقة لضابط آخر وبقيت تستعمل كلمة خائن إلى آخر لحظة حتى بعد التغيير، وهذه الكلمة لشخص منشق من نظام دكتاتوري قمعي فيها وجهة نظر. حقيقة الرواية لا نستطيع ادراجها بهذا الشكل على أنها أدب السجون، وإن كانت تقترب ببعض المفاصل من رواية الرجس لسمير نقاش لكنها تبقى انعطافة كبيرة في أدب كريم شعلان، لأنه استطاع أن يتجرد من لغته الشعرية، وجمله المكثفة في روايته السابقة حصار حكاية لم تحدث، وهي نقطة تحول بالنسبة له تضع أمامه فتح روائي كبير.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock