التربية الديمقراطية
د. أحمد البوريني- تورونتو
***
عادت ابنتي يوماً من المدرسة وكانت حينها في الصف التاسع، واتجهت نحوي قائلة: بابا. ممكن تساعدني في عمل الواجب المدرسي؟ قلت: طبعا، تفضلي! قالت: بدي أقوم بتأسيس حزب.
قلت مستغرباً: نعم؟ ومن زرع هذه الفكرة في رأسك الصغير؟
وقبل أن ترد على استهجاني تبادر إلى ذهني تلك النكتة التي تنتهي بعبارة (لمين هالولد؟) التي قالها الأب في الشارع حين أوشك ولده على توريطه. تلفتُّ حولي قبل أن أتذكر أنني الآن في بلد بعيد اسمه كندا بعيد جداً…
قالت: بابا، نحن درسنا خلال الفترة الماضية عن كافة الأحزاب السياسية في كندا وعن فلسفة وتوجهات كل منها. وطلبت المعلمة من كل طالبة/طالب وضع مبادئ للحزب الذي يتمناه، وأن يختار له الاسم الذي يريد، ليقوم بعدها بعرض أفكار حزبه ومناقشتها أمام بقية الطلبة. .. وأضافت: سوف نقوم أيضاً كطلاب بالمشاركة بعملية تصويت في الانتخابات البرلمانية، بعد أن ندرس برنامج كل مرشح في دائرتنا (ولكن أصواتنا لن تحسب لأننا دون الثامنة عشرة)… لا أدري لماذا أحسست حينها ببعض الضجر؛ هل لأن كمّ المعلومات التي ألقتها ابنتي كان ثقيلاً على عقلي الصغير ديمقراطيا، والذي لم يتطور منذ انتخابات “عريف الصف” المزورة، حين كنت في الصف الخامس الابتدائي بمدرسة ابن زيدون، والتي كان يفوز بها صديقي “أيمن” كل مرة؟.. أم لانكشاف ضعفي وهشاشة معلوماتي وقلة خبرتي وهواني على شرطي المرور؟
فبدأت المقارنات تدور في رأسي، وكذلك الشعارات ومجالس النواب، وعدم الثقة، واقعدي يا هند، وقوم يا عماد. و”قرمز” يا خليل* (* الأخيرة انفعال من عندي). المهم, في النهاية قررت أن (أساعد) ابنتي في واجب تأسيس حزبها، ولكني اشترطت عليها قبل ذلك أن تشرح هي لي المنهاج كاملاً وكافة دروس التربية الديمقراطية التي تعلمتها في مدرستها وبالتفصيل.
“الموضوع مش لعبة، هاي ديمقراطية ولازم أتأكد إنها فهمتها.” !!!