العابر في هذا العدد هو السيد ناجح نعيرات – ميسيساغا اونتاريو .
والعبور بعنوان : ثقافة شلّ الفرد وكسر الجماعة.
اللغة العربية غنية بفلسفة الأسماء والمعاني والقواعد، فمثلا يقول فقهاء اللغة: “سَكِّن تسلم”، أي لا تحرك آخر حرف في الكلمة حتى لا ترفع المنصوب وتنصب المرفوع أو تكسره خطأً، وكلنا نعلم ان السكون مرادف للهدوء والشلل القواعدي و النحوي أحيانا، والسكون أيضا عكس الحركة والثورة فعلا او مفعولا به، ويتبع النواهي والنوافي والأوامر كثيرا، إذن صحيح أن التسكين يقينا شر النقاد ومتصيدي الاخطاء في اللغة لكنه يضع صاحبه في شبهة التحجر وعدم التطور وتجنب ركوب أمواج اللغة والاقتراب من مخاطرها، أو ربما يعزز من غروره إن كان هو الآمر الناهي، كل ذلك في ما تفرد من أسماء وأفعال وصفات وأحوال…!
أما المعضلة الحقيقية التي تواجه كل من يحاول الكتابة وبعض الكتاب الكبار أيضا من غير الللغويين ولا يفيد فيها التسكين كثيراً، فهي التعامل مع المثنى والجمع، فكتابان غير كتابين ، ويكتبون غير يكتبوا، وجميلين غير جميلون، مرفوع ومكسور ومنصوب وعليه فقس ما شئت من الاسماء والافعال والصفات وغيرها.
كأن لسان حالنا كمتحدثي للغة العربية يقول، نحن لا نتقن تحريك الحرف الأخير…لذلك نسكن كي نسلم، فهل نحن اذن أهل سكون وحركتنا مشلولة على المستوى الفردي إلا ما ندر؟ وهل نحن لا نتقن جمع الافعال والأسماء والصفات وغيرها، فنرفع المنصوب وننصب المرفوع وغالبا ما نكسر الاثنين معا والمجزوم من قبلهما؟….وكأن لسان حالنا أيضا يقول أننا لا نستطيع التعامل مع الجمع وما هو اكبر من الفرد؟ فهل نحن لسنا أهلا لإتقان فن العمل الجماعي؟
حركوا الحرف الأخير ولا تهتموا إن أخطأتم وتجنبوا السكون لأنه يؤدي الى البكم والخرس والشلل، فمن أراد بكم خيرا سينبهكم لخطئكم، وتعلموا كيف ننصب ونرفع وتجنبوا دوما كسر الجموع بياء ونون في غير حاجة. قولوا مثلا: مصريون وليس مصريين، فلسطينيون وليس فلسطينيين.
فهل من الحكمة الإستمرار بتسكين الفرد ليضع نفسه على الرف تجنبا للخطأ وكسر شوكة الجماعة لأننا لا نستطيع أن نرفع أو ننصب !!
ترى كم خطأ أخطأت هنا!!! لا يهم !
دامت قاماتكم منصوبة ورؤوسكم مرفوعة.