على طاولة عاهل الأردن : أخطر تقرير لتدمير المملكة بمؤامرة أمنية
كندا سبيل – عمّان
كشف تقرير استخباري صنّف بأنه الأعلى حساسية خلال فترة تولي عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني للحكم عن مخطط لزعزعة الثقة في نظام الحكم والاستقرار في الأردن والترويج لاحد أفراد العائلة الحاكمة الذي أشيع استغلاله للظروف الدقيقة التي تمر بها المملكة لاستمالة الرأي العام نحوه.
وفصّل التقرير عدداً من الجهات المتورطة منها رجل اعمال أردني مدان بالفساد يرتبط بصلة مع أحد أقرباء الملك وأحد قيادات الأجهزة الأمنية المعروف بولائه لمدير جهاز سابق، بالتعاون مع شخصيات برلمانية وسياسية وإعلامية داخل وخارج الأردن.
وأكد مصدر أمني رفيع المستوى إطلاع العاهل الأردني ودائرة ضيقة ومحدودة من المسؤولين على التقرير في قصره الخاص قبيل مغادرته الى المغرب، واتخذ اجراءات عاجلة قبيل سفره الى الرباط.
التقرير الذي شمل مسوغات ومبرزات تتضمن وثائق عدة من بينها رسائل نصية وتسجيلات لمكالمات هاتفية وتحويلات بنكية امتدت لسنوات، جاء في اعقاب إحالة أحد أبرز قادة جهاز أمني استخباري للتقاعد مؤخرا، وثبت تورطه الى جانب حلقة ضيقة من ضباط الجهاز في دفع الحراك الأردني الى الشارع مجددا بعد أقل من سنة من انتهاء ازمة الدوار الرابع.
كما تضمن المخطط الهادف الى التشكيك بسلطة الملك وقدرته على اختيار رؤساء الحكومات، برنامجا مدروسا لإضعاف رئيس الحكومة الأردنية الحالي الدكتور عمر الرزاز، مستغلين الظروف والقرارات الحكومية التي بدا انها ازّمت بشكل يفوق حجمها كونها لم تحظ بدعم الجهاز الأمني، كما جرت العادة.
هذا وكانت الشخصية الأمنية نفسها قد اتخذت من انتقاد العاهل الأردني في اجتماع مغلق تباطؤ وتردد رئيس الوزراء وحكومته ذريعة لشن الحملة ضد الحكومة، لتقوم لاحقا بالتواصل من خلال “اذرع سياسية” مع قيادات في حركة الاخوان المسلمين للانضمام الى الحركات الاحتجاجية والتي رفضتها بدورها من باب عدم القناعة بجدوى النزول الى الشارع في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب “توحيد الصفوف” بحسب وصفها.
اما تفصيلات الملف فقد ظهرت بعد فتح تحقيق موسّع في اعقاب تقاعد المسؤول الأمني، الذي عرف بهيمنته على المشهد، بعد توجه عدد من الحراكيين الى جهة مرجعية وإقرارهم بالانجراف نحو المخطط وأنه تم تجنيدهم وتشجيعهم على النزول الى الشارع ورفع سقف الشعارات من خلال الشخصية الأمنية وبتمويل سخي ووعود بالتوظيف. “بدنا همتكم معنا” كانت مقدمة حديث مسجل لأحد أعوان المسؤول الأمني لدى استقطابه مجموعة الشباب والتي لم تخل من التهديد أيضا لبعضهم وممن ذاق بؤس المراجعات الأمنية المتكررة للمسؤول نفسه “بوديكم ورا الشمس”، “ركزوا لي على الياسين بهتافاتكم وعلى اللي وراه”.
وخلص التقرير الى ان المخطط هدف الى إلهاء مؤسسة العرش بالحراك الشعبي والمشهد الداخلي لإضعاف قدرة الملك على اتخاذ مواقف دولية مفصلية أو القيام بإجراءات داخلية “لإعادة هيكلة الجهاز” التي من شأنها الحدّ من تنفيعات وسطوة بعض المسؤولين فيه، بعد ورود معلومات وتقارير مفصّلة للملك عن عنجهية بعض قيادات الجهاز وتطاولهم بالامتيازات الممنوحة لهم، إضافة الى سياسة البطش والتنكيس بكل من يرفض التعاون معهم. ما دفع مجموعة من المتواطئين إلى إعلان حالة من الاستنفار ونيتهم التوجه الى “الباشا” بملف يحمل بطياته تفاصيل لقاءات الحراكيين بموظفين في الديوان الملكي لما تحمله من تبعات خطيرة على “وضعهم” داخل الجهاز. الا ان المسؤول الأمني طمأنهم بقدرته على احتواء الموضوع بعد ان أكّد لهم ان “رؤوس رح تطير إذا الباشا عرف لأنه اكيد بخبّر المعلم”.
وكشفت التحقيقات لاحقا ان المخطط استهدف أفراداً من عائلة الملك لقربهم من الملك، وأولهم زوجته الملكة رانيا وذلك من خلال حملة ممنهجة لإبعاد الضوء عن رجل أعمال اردني ذي صلة مع احد اقرباء الملك.
وكشف التحقيق عن ان الحملة تعود بداياتها للعام 2010 وتحديدا منذ بدأت تتكشف قضية فساد كبرى، وبدعم مسؤول أمني متنفذ وبتمويل من رجل الاعمال الذي امتدت يده لتطال افراداً في الجهاز الامني ونواباً وإعلاميين وعدداً من المعارضين داخل وخارج الأردن.
ورصد التقرير ما يزيد عن 1300حساب وهمي وعشرات الفيديوهات المروّجة والمدفوعة الثمن على منصات التواصل الاجتماعي ركزت على التهجم على الملكة والزج باسم أخيها في عدد من القضايا الساخنة على الساحة الأردنية كقضية الدخان وشركة الولاء وغيرهما رغم ثبوت عدم علاقتة بايّ منهما.
لم تقف حملة التشويه عند الادعاءات بفساد شقيق الملكة رانيا، بل شملت ادعاءات بقيام الملكة رانيا بمنح جوازات سفر اردنية وتعمد نشر انطباع وايحاءات في الأوساط الأردنية بتدخل الملكة في شؤون الحكم والمؤسسات الوطنية لإضعاف صورة الملك امام شعبه، وتأجيج النعرات العنصرية في الأردن بالتزامن مع قلق أردني وأجواء مشحونة حول ملابسات “صفقة القرن”.
كما يشير التقرير إلى أن المخطط لم يقف عند حد الاستهداف لرئيس الحكومة والملك وعائلته المباشرة فقط، بل امتد ليشمل أحد أشقاء الملك والذي كان قد انيطت به مهمة حماية الملك في بدايات توليه للعرش، ليتم اقصاؤه بعد ورود توصيات من الجهاز الأمني وخصوصا لما يحظى به وشقيقته من درجة عالية من الشعبية في الأردن، وبما يعزز الزعم بوجود انقسام داخل العائلة المالكة واشقاء الملك تحديدا.
ويؤكد التقرير استغلال فترات غياب الملك – اما في إجازة الصيف او في زياراته الخارجية حاملا ملفات الإصلاح الاقتصادي وجلب المساعدات او الهادفة للحفاظ على الدور المركزي للأردن في نقاشات صفقة القرن – لاعطاء انطباع الترويج لأحد الأمراء من خلال خطابات ونشاطات وزيارات منتظمة لبعض العشائر، مستغلين تعاون المرجعية الأمنية وعدد من الشخصيات السياسية المهمشة التي تدور حول بعضها شبهات فساد، بالإضافة الى شخصية نسائية معروفة بقربها من الامير.
كما وثق التقرير تورط برلمانيين. وكان قد برز سابقا وبشكل غير رسمي ادعاءات شعبية بتمويل رجل الاعمال صاحب الصلة الوثيقة باحد اقرباء الملك حملاتهم الانتخابية او لتحقق ثرواتهم من خلال عقود وشراكات فرعية معه.
التقرير الذي صنف بالأعلى سرية اشار الى ضلوع رئيس جهاز الامن الوقائي الفلسطيني السابق محمد دحلان في تحقيق اهداف المخطط من خلال تسهيله للاعمال اللوجستية والدفعات المالية من مقر اقامته، بعد محاولات متكررة منه للتواصل مع الشخصية النسائية الكبيرة جداً.
واشار التقرير الى ورود معلومات استخبارية من سفارة “دولة صديقة” تتضمن تفاصيل حول قيام جهات معروفة بعلاقتها بدحلان بشراء عدد كبير من شرائح هواتف خلوية من عدة دول اوروبية لاستخدامها في إنشاء حسابات وهمية بأسماء أردنية على وسائل التواصل تقوم بإدارتها وحدة رقمية تابعة لاحدى شركات دحلان في “عاصمة أوروبية”.