فاقد الشيء لا يعطيه ..
محمد محيسن-الأردن
بما أن فاقد الشيء لا يعطيه، فمن المؤكد أن من لا يمتلك العلم لا يستطيع أن يصنع صاروخا، ولا حتى أن يثقب إبرة خياطة.
تعاقبت على مدى عشرات السنين الماضية في بلادنا نماذج من هذا النوع الفاقدي الكفاءة، فكانت الحصيلة دماراً شاملاً في كل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
وتختصر هذه العبارة سنوات كثيرة من التعبير وتحليل الأسباب التي أدت بنا الى ما نحن عليه الان من هزائم طالت كل شيء حتى الرياضة.
باختصار، إن فاقد الشيء لا يعطيه تعني أن العبيد لا يحررون أوطاناً، كما أن بيض الدجاجة لن يفقس عن نسور، والأرنب لن ينجب أسداً حتى لو تربى بين الأسود.
تقوم المعادلة العربية التي تجتاحنا منذ ما قبل النكسة وما بعد الهزيمة، وصولا الى عصر الفتنة الذي نعيشه، على نمطية الاختيار وعشوائيته، وابتعادها عن حاجتنا الحقيقة، بل الملحة او حتى الضرورية.
أما نحن المواطنين فقد أجبرنا على أن نتأقلم مع مفهوم جَزَّأ المسألة وقسمها الى أنماط وسلوكيات قابلة للفرض، ولكن تطبيقها محكوم عليه بالفشل، وفق المشاهد التي تجتاحنا كل يوم.
لم يقتصر الأمر على السياسة والاقتصاد والاجتماع، فقد وصل هذا الأمر الى الإعلام الذي قاد ناصيته نوعان من الاشخاص: اما كاتب السلطان، او كاتب لا يملك من أمره شيئاً؛ لأن ظهره مكشوف ومصيره الى الشارع.
المعادلة التي قادتنا منذ عشرات السنين كانت نتائجها قاسية ومريرة، جعلتنا تابعين لا شركاء، مقلدين لا مبتكرين، نصغي دون ان نسمع، نرى دون ان نفقه، وأوصلتنا في بعض مظاهرها الى مجرد أوعية تستقبل دون ان يكون لنا القدرة على الإرسال. وتحول معنى الأوطان في اذهاننا الى مجرد جغرافيا فقط! وبتنا بعيدين عن عمقنا التاريخي.
في التعليم خَلَقنا مدرسين خائفين على مستقبلهم يطاردون لقمة العيش، في الصحافة صحفيين ينتظرون رضى الإدارة بالقليل من المكاسب، وفي السياسة قاطعي طريق وأصحاب سوابق، وفي الاجتماع منظرِّين، في الاقتصاد فاسدين ومرتشين. وفي الدين منابر لا تحاكي الواقع، يدعون للاندلس إن حوصرت حلب! يتعمقون في الامور الثانوية وينسون هموم الناس اليومية، فأي مستقبل ننتظر!