“هذا ما صنعه الفراغ والملل بنا” كلمة ترددت كثيرا على لسان النساء والرجال خلال الأيام الماضية عبر منصات التواصل الاجتماعي بسبب تصرفات البعض غير المتوقعة والطريفة.
ويبدو أن طول ساعات حظر التجوال، التي فرضت ضمن تدابير مكافحة فيروس كورونا، جاءت بنتائج إيجابية وأعادت مظاهر التآلف والتلاحم التي قاربت على الاندثار.
كما جعلت الكثيرين يكتشفون مواهب ومهارات لم يكونوا يعرفونها عن أنفسهم.
فمثلا تسابق العديد من الرجال على إظهار مهاراتهم في الطبخ عبر وسم #صورتك_في_الصالة الذي دشنته صفحة Traveller Experienceالمصرية على فيسبوك.
فقد تحولت الصفحة من فضاء للحديث عن الرحلات والمغامرات إلى مكان يوثق يوميات الأزواج أثناء الحجر المنزلي.
يقول معتز محمد مؤسس الصفحة لمدونة ترند: “أردنا حث الناس على الالتزام بالتدابير الوقائية والبقاء في المنزل من خلال فكرة بسيطة وخفيفة، فقررنا إطلاق الوسم”.
وأضاف معتز: “لاقت فكرة الوسم تجاوبًا واسعًا وأبرزت الروح الأسرية التي تأثرت سلبًا بالتطور التكنولوجي لكن يبدو أن أزمة كورونا أحيتها مرة أخرى”.
وعجت الصفحة بصور لأزواج وشباب يشاركون في أعمال المنزل وأخرى تظهر تجمع العائلات في غرف الجلوس.
ونشر أحدهم فيديو وهو يلعب الغميضة مع أطفاله فيما تداول آخرون مقطعًا لأب يتبارى مع أولاده على لعبة ببجي، بينما انغمس رجل آخر في اللعب حتى تبادل الأدوار مع صغاره واستولى على دراجتهم الصغيرة واكتفوا هم بدفعه والتصفيق له.
وفي مشهد مضحك، تقمص أحد الآباء دور متسابق في برنامج المواهب “ذي فويس” بينما اصطف أبناؤه لكي يقيموا موهبته.
وعن هذا يقول معتز: “كانت غرفة الجلوس في السابق مكانًا تتجمع فيه الأسرة لمشاهدة التلفاز والتسامر ليلًا ولكنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى مكان للتجمع خلال المناسبات. فقد بات كل فرد منشغلا عن الآخر مكتفيا بالحديث مع أصدقائه عبر الإنترنت، بدلا من الاستمتاع بالحوار مع أسرته”.
وختم: “بالرغم من الظروف العصيبة التي نمر بها، إلا أنه من الجميل رؤية هذه الفعاليات مرة أخرى في غرفة المعيشة، لقد أعطتنا كورونا الفرصة لإدراك قيمة الأشخاص وقيمة العائلة”.
أطباق من يد الرجال
وبالموازاة، تشاركت نساء عربيات عبر وسم #فعاليات_الحجر_المنزلي صورا لأزواجهن وهم يخوضون تجارب كانت حكرًا عليهن فيما مضى.
وتظهر الصور المتداولة رجالا يبدلون الحفاضات لأبنائهم ويغسلون الأطباق ويلفون أوراق “المحشي” أو وهم يعدون طبق الملوخية أو الكسكسي.
ويقول عبد الوهاب بن صالح: “عندما يكون الرجل شغوفا بالطهي فإن مشاركة زوجته في أعمال المطبخ لا تبدو له عبئا إضافيا بقدر ما هي متعة شخصية وطريقة لتقوية الانسجام بين الزوجين في ظل الحجر المنزلي المفروض علينا، فالزواج حرمني من المتعة التي كنت أجدها في الطبخ أيام العزوبية إلا أن الحجر المنزلي منحني فرصة جديدة”.
أما أكرم فاغتنم الفرصة لمشاركة أبنائه في اللعب كي تستطيع أمهم طهو الطعام ويقول: “قررت وزوجتي تبادل الأدوار لتخفيف ضغط الحجر المنزلي لكن تجربتي في المطبخ باءت بالفشل واحترق طعامنا بعد أن أضفت الكثير من الزيت. تجربة سريعة لكنها جعلتني أدرك كمية الأعباء التي تقع على عاتق المرأة”.
من ناحية أخرى، تعامل بعض الأزواج مع الموضوع بنوع من السخرية، بينما تذمر آخرون من كثرة الأعباء المنزلية وتمنوا انتهاء حظر التجوال بسرعة.
مقابل ذلك، عبرت الزوجات عن فرحتهن بالتحول الذي طرأ على أزواجهن ووددن أن تطول فترة الحظر لكي يتفرغ الرجال أكثر للأعمال المنزلية.
ماذا عن المعنفات؟
لكن ومع تقييد حرية التنقل ومنع الخروج من المنازل تخشى أخريات على مصير النساء اللاتي وجدن أنفسهن حبيسات منزل واحد مع معنفيهن.
وفي الوقت الذي يرى فيه كثيرون أن الحديث عن العنف الأسري في هذه الفترة دعوة إلى إثارة المشاكل، ترد ناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة بأرقام تشير إلى ارتفاع نسب العنف الأسري في ظل انتشار الأوبئة وفرض حظر التجول. كما أفادت جمعيات تُعنى بقضايا المرأة العربية بأنهن تلقين رسائل من نساء يتعرضن للتهديد داخل الحجر المنزلي.
اهمل فيسبوك الرسالة التي بعث بها وطن حر نساء حرةنهاية فيسبوك الرسالة التي بعث بها وطن حر نساء حرة وتتشابه الشكاوى التي تتناقلها صفحات تلك الجمعيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تتحدث بعض النساء عن تهديد أزواجهن لهن بالطلاق بعد انتهاء الأزمة. لا تجد أولئك النسوة غير السكوت خشية الطرد من المنزل والإصابة بالمرض. كما خصصت بعض الجمعيات النسائية جزءا من نشاطها على فيسبوك للرد على تعليقات ساخرة تشجع على استغلال الظرف وإغلاق المحاكم لضرب النساء والتحكم بهن. ولا تقتصر المخاوف من انتشار العنف الأسري في زمن كورونا، على العالم العربي، بل يمتد القلق إلى أوروبا وآسيا والقارة الأمريكية.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن العنف المسلط على المرأة يتضاعف في أوقات الأزمات والكوارث الطبيعية موضحة بأن واحدة من كل 3 نساء في العالم يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي. ومن هذا المنطلق، أطلقت جمعيات حقوقية ونسوية صرخة فزع من أجل منح الشرطة السلطة لإخراج المتورطين في قضايا عنف من المنازل، طوال فترة الحجر الإجباري. في حين نشرت صفحة “خرابيش نسوية” رسما لامرأة غارقة في دموعها وكتبت على الصورة : “كل الحب والدعم لكل من أجبرت على البقاء في الحجر المنزلي مع معنفها”. وأضافت الصفحة: “أنتن لستن لوحدكن. تواصلن مع صديق يقف معكن ضد العنف المنزلي”.
عن BBC بتصرف