لقاء العدد رقم 146
مقابلة هذا العدد من ساخر سبيل الشهرية رقم 146 مع السيد هاني آدم.
المقدمة: يطيب لنا في ساخر سبيل أن نرحب أجمل ترحيب بالمهندس هاني آدم، وهو من رجال الأعمال العرب الكنديين الذين قدموا وما زالوا يقدمون الكثير لأبناء المجتمع العربي الكندي من كافة الأصول والمنابت، حيث يعطي الرأي والخبرة والدعم المعنوي والمادي لمن يحتاجهما، و بكل النواحي الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وذلك عبر سنوات عديدة. في مكتبه في ميسيساغا التقيناه فكان الوجه البشوش الذي لا تنقطع الإبتسامة عنه والتفاؤل والإيجابية تحيط به وبنا وبكل أرجاء المكتب حيث مكان اللقاء.
أجرى اللقاء : محمد هارون .
… إلى السؤال الأول: صحيح انك شخصية معروفة في المجتمع العربي الكندي على الأقل في منطقة تورونتو الكبرى، ولكن نرغب بالمزيد وخاصة الدراسة و البدايات في كندا .
ج1: بدأت رحلتي من كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وكغيري من المهاجرين، خضت تجربة التأقلم مع الحياة الكندية بشقيها الاجتماعي والمهني. عملت في عدة شركات كمهندس، وخلال هذه الفترة أدركت أن الاعتماد على الوظيفة وحدها قد لا يحقق الاستقرار المالي المنشود في كندا. هذا الإدراك قادني لدراسة فرص الاستثمار المختلفة، حيث وجدت في القطاع العقاري فرصة واعدة لا تتطلب بالضرورة رأس مال كبير للبدء. استثمرت خبرتي الهندسية مع دراستي للاقتصاد والاستثمار الكندي، مما مكنني بفضل الله من تأسيس شركة ناجحة في مجال الاستثمار العقاري، امتد نشاطها مؤخراً ليصل إلى دبي.
أؤمن أن النجاح في كندا يتطلب مزيجاً من المعرفة العلمية، والخبرة العملية، والرؤية المستقبلية، مع الاستعداد الدائم للتعلم والتطور
س2: ما هو سر نجاحك في ابتكار المشاريع الجديدة؟ وما هي الحكمة التي تقتدي بها في حياتك؟
ج2: إن نجاح أي مشروع يبدأ بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، ثم يأتي دور القراءة الدقيقة للسوق والاستماع لكافة الأطراف المعنية. فعندما نجمع آراء المشترين والملاك والمستأجرين، نحصل على صورة متكاملة تمكننا من تحليل السوق بشكل دقيق واتخاذ القرارات الاستثمارية السليمة.
حكمة الإمام علي “لا غنى كالعقل.. ولا فقر كالجهل” غيرت مسار حياتي بالكامل. فهي دفعتني للبحث المستمر عن المعرفة وتحليل المعلومات المتاحة بشكل منهجي. فالمعلومات متوفرة للجميع، لكن القدرة على جمعها وتحليلها واستخلاص النتائج منها هي ما يصنع الفرق.
التعلم رحلة مستمرة لا تنتهي، والشعور بالاكتفاء من التعلم هو بداية التراجع. لذا، أحرص دائماً على تطوير معرفتي ومهاراتي، وأؤمن أن النجاح الحقيقي يكمن في القدرة على التعلم المستمر والتطور الدائم.س3 : مؤخراً قام بنك كندا بتخفيضا كبير بسعر الفائدة الأساسي 0,50 نقطة مئوية إلى 3,75%… ماذا يعني ذلك ؟ وما تأثيره على السوق العقاري الكندي ؟
ج3: لأن هذا السؤال يحتاج مني إلى تفاصيل عديدة فقد كتبت مقالا خاصاً له في هذا العدد ( ص10 ). ولكن ساقوم بالإجابة عليه بشكل مختصر . إن تخفيض سعر الفائدة يعني أن تكلفة الاقتراض ستصبح أقل، وهذا له تأثيران رئيسيان على السوق العقاري الكندي:
1. سيصبح الحصول على قروض عقارية أرخص، مما يجعل شراء المنازل أكثر يسراً للمشترين المحتملين.
2. قد يؤدي هذا إلى زيادة الطلب على العقارات، مما قد يرفع أسعار المنازل في السوق الكندي.
بشكل عام، هذا القرار يهدف لتحفيز السوق العقاري وتسهيل تملك المنازل للمواطنين الكنديين، خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقارات في السنوات الأخيرة.
س4 : سؤال تقليدي ولكنه مهم، بماذا تنصح القادمين على شراء البيوت في هذه الأيام ؟ج4: في ظل التغيرات الأخيرة في السوق العقاري الكندي، وخاصة مع تخفيض سعر الفائدة، يتطلع الكثيرون لشراء منازلهم. ولكن قبل اتخاذ هذه الخطوة المهمة، هناك عدة نقاط جوهرية يجب أخذها في الاعتبار.
أولاً، يُنصح بعدم التسرع في اتخاذ قرار الشراء. فرغم أن انخفاض سعر الفائدة قد يبدو محفزاً، إلا أن دراسة السوق وفهم ديناميكياته أمر ضروري. قد يشهد السوق تقلبات في الأسعار خلال الفترة القادمة، لذا من المهم اختيار التوقيت المناسب.
من الناحية المالية، يجب إجراء حسابات دقيقة للميزانية. لا يقتصر الأمر على القدرة على دفع الأقساط الشهرية الحالية، بل يجب الأخذ في الحسبان احتمالية ارتفاع أسعار الفائدة مستقبلاً. كما يُنصح بالاحتفاظ بمبلغ احتياطي للطوارئ والصيانة، وعدم استنفاد كل المدخرات في الدفعة الأولى.
اختيار المنطقة المناسبة يعد عاملاً حاسماً في نجاح الاستثمار العقاري. يجب دراسة عدة عوامل مثل القرب من وسائل النقل العام، توفر المدارس والخدمات الأساسية، وخطط التطوير المستقبلية للمنطقة. هذه العوامل لا تؤثر فقط على جودة الحياة، بل أيضاً على القيمة المستقبلية للعقار.
يُنصح بشدة بالاستعانة بخبير عقاري مرخص وموثوق، خاصة للقادمين الجدد إلى السوق الكندي. فخبرة المتخصصين في السوق المحلي تعد أمراً لا يقدر بثمن في تجنب الأخطاء الشائعة وضمان صفقة عادلة.س5: سؤال مرتبط لحد ما بالسابق ، وأنت صاحب شركة استثمارات هل شراء العقارات هي الاستثمار الأمثل في كندا أم هناك أوجه أخرى مضمونه الربح ايضاً ؟
ج5: يتميز السوق الكندي بتنوع الفرص الاستثمارية، حيث يمكن للمستثمر الاختيار بين عدة قنوات استثمارية رئيسية، كل منها يقدم مزايا فريدة تناسب أهدافاً استثمارية مختلفة.
يأتي الاستثمار العقاري في مقدمة هذه الخيارات، حيث يوفر استقراراً نسبياً ودخلاً شهرياً ثابتاً من خلال الإيجارات. ورغم حاجته لرأس مال كبير، إلا أنه يظل خياراً جذاباً للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار على المدى الطويل.
أما صناديق الاستثمار العقاري (REITs)، فتقدم بديلاً أكثر مرونة للاستثمار العقاري التقليدي. تتميز هذه الصناديق بانخفاض تكلفة الدخول وسهولة التداول، مع الاحتفاظ بمزايا الاستثمار العقاري.
يشكل سوق الأسهم الكندي، خاصة في قطاعات البنوك والطاقة، فرصة استثمارية جذابة بفضل استقرار الشركات وتوزيعاتها المنتظمة للأرباح. في حين تمثل السندات الحكومية الملاذ الآمن للمستثمرين المحافظين، مع ضمان عوائد ثابتة وإن كانت منخفضة نسبياً. تبقى القاعدة الذهبية في الاستثمار هي التنويع، حيث يُنصح المستثمرون بتوزيع استثماراتهم على عدة قنوات لتقليل المخاطر وتحقيق توازن بين العائد والأمان.س6: حالياً.. هناك مطالبات من بعض نواب الليبرال لزعيمهم ترودو بالرحيل عن قيادة الحزب، والكثير من الكنديين يتهمون الحكومة بسوء الإدارة الإقتصادية والسياسية والتي أوصلت البلاد إلى وضع صعب.. ما رأيك بذلك وهل الوضع الاقتصادي الحالي سببه سوء ادارة كندية أم هي مشكلة عالمية .
ج6: تمر كندا حالياً بمرحلة دقيقة تتجلى في تحديات سياسية واقتصادية متداخلة. فمن جهة، يواجه رئيس الوزراء جاستن ترودو ضغوطاً متزايدة من داخل حزبه الليبرالي للتنحي عن القيادة، ومن جهة أخرى، يعاني المواطنون من تحديات اقتصادية كبيرة تتمثل في ارتفاع تكاليف المعيشة وأزمة السكن المتفاقمة.
تتشابك في هذه الأزمة عوامل محلية وعالمية. فالتحديات العالمية مثل تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا ألقت بظلالها على الاقتصاد الكندي. أما محلياً، فقد ساهمت سياسات الإنفاق التوسعية وبطء الاستجابة لأزمة السكن في تعميق التحديات الاقتصادية.
رغم نجاح الحكومة في بعض الجوانب كالحفاظ على معدلات توظيف جيدة واستقرار النظام المصرفي، إلا أن تراكم المشكلات الاقتصادية والمعيشية أدى إلى تراجع شعبيتها. ويبدو أن حل هذه الأزمة يتطلب معالجة شاملة تأخذ في الاعتبار تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي الراهن.س7: انت مشارك أساسي في كتابة المقالات وخاصة الإقتصادية في جريدة ساخر سبيل وفي وسائل اعلامية أخرى، … ما رأيك بالاعلام الناطق و المكتوب بالعربية في كندا ؟
ج7: تشكل جريدة “ساخر سبيل” علامة فارقة في المشهد الإعلامي العربي الكندي، حيث نجحت في ترسيخ مكانتها كمصدر موثوق للمعلومات والتحليلات التي تهم الجالية العربية. فمنذ تأسيسها، تميزت الجريدة بتغطيتها الشاملة لمختلف جوانب الحياة في كندا، من السياسة والاقتصاد إلى القضايا الاجتماعية والثقافية.
يشهد الإعلام العربي في كندا تطوراً ملحوظاً، مدفوعاً بالنمو المتزايد للجالية العربية وحاجتها للمعلومات الدقيقة باللغتها الأم. وتبرز “ساخر سبيل” كنموذج يحتذى به في تقديم محتوى إعلامي متميز يجمع بين المهنية العالية والمصداقية، مما يساعد في بناء جسر معرفي قوي بين المجتمع العربي والواقع الكندي.
مع استمرار تطور المشهد الإعلامي العربي في كندا، تبقى “ساخر سبيل” وغيرها من المؤسسات الإعلامية الرائدة ركيزة أساسية في خدمة الجالية العربية وتعزيز حضورها في المجتمع الكندي المتعدد الثقافات.س8: إن كم الخلافات بين ابناء المجتمع العربي الكندي تزداد بشكل ملحوظ للأسف، رغم كل الفعاليات الناجحة ..كيف يمكن التغلب على تلك الخلافات ؟ وما رأيك بالعمل الإجتماعي والثقافي العربي في كندا وكيفية تطويره وخاصة تفعيل مشاركة الشباب به.
ج8: رغم ما قد يبدو من خلافات في المجتمع العربي الكندي، إلا أنها لا تمثل سوى نسبة محدودة مقارنة بحجم النجاحات والإنجازات المشتركة. فالمجتمع العربي في كندا يتميز بقدرته على تجاوز التحديات وتحويلها إلى فرص للحوار والتطور.
تشكل هذه الخلافات، رغم محدوديتها، حافزاً إيجابياً دفع المؤسسات والقيادات المجتمعية للعمل على تطوير آليات فعالة للتواصل وحل النزاعات. وقد نجحت المبادرات الشبابية والثقافية المشتركة في تعزيز التقارب بين مختلف أطياف المجتمع العربي، مما يؤكد أن الوحدة والتعاون هما السمة الغالبة. إن تزايد الفعاليات المشتركة والمشاريع التعاونية بين مختلف المؤسسات العربية يعكس رغبة حقيقية في تجاوز الخلافات والعمل نحو مستقبل أفضل. فالتحديات، مهما كانت، تبقى فرصة للنمو والتطور وتعزيز الروابط المجتمعية.
س9: كلمة أخيرة للقراء الكرام لساخر سبيل وكندا سبيل.
ج9: لكم مني جزيل الشكر والتقدير، فأنتم الركيزة الأساسية في نجاح “ساخر سبيل” وتطورها المستمر. ثقتكم ومتابعتكم الدائمة كانت وما زالت الدافع الأكبر لنا جميعاً – كتّاباً ومحررين – لتقديم كل ما هو مفيد ومتميز. يسعدني أن أشارككم الكتابة والتحليل في مختلف القضايا التي تهم حياتكم في كندا، وأتمنى أن تكون المواضيع التي نطرحها، والمعلومات التي نقدمها، قد ساهمت في تسهيل مسيرتكم وإثراء تجربتكم في هذا البلد الجميل. إن نجاحنا هو نجاحكم، وتميزنا من دعمكم. نعدكم بمواصلة العطاء والتطوير، لنبقى دائماً عند حسن ظنكم.الخاتمة : باسم العاملين بساخر سبيل والقراء الكرام نتقدم لكم بجزيل الشكر وعظيم الإمتنان على هذا اللقاء والذي نرجو أن يكون شيقا مفيداً للجميع . كما نتمنى لكم النجاح والسداد بحياتكم الشخصية والعملي