مونديال قطر : العنصرية الأوروبية والغضب الإسرائيلي والمفاجآت العربية.
عابر سبيل لهذا العدد هو الدكتور عبد القادر فارس من هاملتون انتاريو.
عابر سبيل لهذا العدد هو الدكتور عبد القادر فارس من هاملتون انتاريو…
والعبور بعنوان : مونديال قطر : العنصرية الأوروبية والغضب الإسرائيلي والمفاجآت العربية:
حضور فلسطين برقم الدولة (33) في المونديال رقم ( 22)!!
********
تتفاعل الأحداث الرياضية والسياسية والعاطفية حول الحدث الكبير مع انطلاق كأس العالم لكرة القدم ( المونديال 2022 ) المقام لأول مرة في دولة عربية إسلامية ، بالعاصمة القطرية الدوحة ، التي استعدت بأعلى مستويات الاستقبال بالملاعب الحديثة والفنادق الأرضية والبحرية ، ومئات المتطوعين والمرافقين من أبناء البلد المضيف. فقد تعرضت قطر لحملة تشويه من قبل عدد من الدول الأوروبية ، بدعوى استغلال واضطهاد العمال الذين قاموا ببناء تلك المنشآت ، ووفاة عدد منهم خلال العمل في أجواء البلاد الحارة ، بل وخرجت أصوات من مسؤولين أوروبيين ، بإلغاء البطولة في قطر ، وأن منح قطر تنظيم البطولة كان خطأ فادحا ،، والحقيقة أن العنصرية الأوروبية المتعالية هي وراء حملة التشويه المغرضة ، فكيف لبلد عربي إسلامي صغير أن يحتضن مثل هذا الحدث العالمي ، وقد جاء الرد من رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “جياني إنفانتينو” من الدوحة قبل يوم واحد من انطلاق المونديال ، مهاجما موقف الدول الأوروبية ، قائلا ” إن أوروبا استغلت الموارد كافة بما فيها البشرية لثلاثة آلاف عام في الدول التي استعمرتها ، ولا زالت تستغل اليد العاملة الفقيرة في بلادها ، وأنها تحتاج لثلاثة آلاف سنة مقبلة للتكفير عما فعلته سابقا بحق تلك الشعوب في العالم الثالث . الحدث السياسي الثاني ، كان تغييب روسيا عن المونديال وحرمانها من المشاركة في التصفيات المؤدية للترشح للبطولة ، وهي كانت على مرمى حجر من ذلك ، بعد أن استطاعت الدول الأوروبية المسيطرة على ( الفيفا ) من حرمان روسيا ومقاطعتها بسبب حربها في أوكرانيا ، بينما ظلت دولة الاحتلال الإسرائيلي تشارك في تصفيات المونديال , رغم استمرار احتلالها لفلسطين ، ومواصلة جرائم القتل وتدمير المنازل من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين ، وممارسة سياسة “الأبرتهايدد ” ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948 ، وفي الضفة الغربية ، وبذلك تدخلت السياسة في الرياضة ، وغابت روسيا التي كانت آخر من احتضن المونديال السابق عام 2018. الحدث الرياضي الذي نغص علينا كعرب في هذا المونديال ، هو غياب المنتخبين العربيين الكبيرين ، مصر والجزائر ، بحظ عاثر ، أو بفعل التحكيم ، في آخر مباراة لكل منهما ، وفي آخر لحظات المباراتين ، مرة بضياع ضربات الترجيح لمصر أمام السينغال ، وبهدف في الوقت الإضافي بعد الضائع بثواني قليلة ، بعد أن كنا نحتفل بتأهل الجزائر الأكيد ، ولذلك فإن غياب المنتخبين كان مؤلما ، وخاصة أننا لن نشاهد النجم المصري الدولي ونجم (نادي ليفربول) الإنجليزي ” محمد صلاح ” وغيره من نجوم مصر في فريق ” الفراعنة ” ، وكذلك غياب النجم المتألق في نادي (مانشستر سيتي) ” رياض محرز ” ورفاقه في كتيبة محاربي الصحراء.
المفاجأة في هذا المونديال كانت عربية بامتياز ، بعد فوز المنتخب السعودي على المنتخب الأرجنتيني ، وهو من أول المرشحين للوصول للدور النهائي ، أو الفوز بكأس العالم ، والمفاجأة الثانية كانت فوز المنتخب المغربي على المنتخب البلجيكي ، الذي يحتل المرتبة الثانية عالميا في تصنيف ( الفيفا ).
المفاجأة الأكبر كانت الحضور الفلسطيني اللافت في المونديال ، من خلال علم فلسطين الذي يرفع ويرفرف في كل مكان ، في الملاعب وفي الساحات ، في رد من الجماهير العربية على الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ، والمواقف المخزية والمنحازة من الدول الأوروبية والمجتمع الدولي تجاه الحقوق الفلسطينية ، وهنا عبرت الجماهير العربية عن محبتها لفلسطين وقضيتها العروبية ، وكأن فلسطين حاضرة في هذا المونديال برقم الدولة ( 33 ) بعد المنتخبات الــ ( 32 ) المشاركة في نهائيات كأس العالم الثانية والعشرين . وهنا لا بد من التذكير والتنويه ، إلى أن اتحاد كرة القدم الفلسطيني يعتبر من أقدم الاتحادات الدولية ، فقد تأسس عام 1929 ، وشاركت فلسطين في الدورة الثانية للمونديال ، التي أقيمت في إيطاليا عام 1934 ، ووصلت إلى التصفيات النهائية في مباراة فاصلة مع مصر ، وخسرت المباراتين ذهابا في القدس وعودة في القاهرة ، وبعد تلك الدورة لم تشارك في تصفيات كاس العالم ، فقد توقفت البطولة في دورتي 1942 و 1946 بسبب الحرب العالمية الثانية ، ثم تم احتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية عام 1948 ، وانتهى تمثيل فلسطين حيث أصبح التمثيل لدولة الاحتلال (إسرائيل) ، وتم تغييب فلسطين ، إلى أن تم الاعتراف باتحاد كرة القدم الفلسطيني من الاتحاد العربي لكرة القدم عام 1974 ، لكنها لم تستطع المشاركة في كأس العالم ، بسبب عدم انضمامها لاتحاد كرة قاري ، إلى أن تم الانضمام لاتحاد كرة القدم الآسيوي عام 1998 ، في أعقاب قيام السلطة الوطنية على الأرض الفلسطينية ، وفي نفس العام تم اعتراف ( الفيفا ) بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ، وصارت فلسطين تشارك في التصفيات الآسيوية لكرة القدم لكأس العالم ، لكنها لم تستطع الوصول إلى التصفيات النهائية ، ولكنها في المونديال رقم ( 22 ) المقام حاليا في قطر ، فرضت فلسطين وجودها كالدولة رقم ( 33 ) من خلال علم فلسطين المرفوع في جميع المباريات ، وتحمله الجماهير العربية ، وكثير من الجماهير من الدول الغربية المشاركة ، وهو ما أدي إلى ردود فعل غاضبة من دولة الاحتلال الإسرائيلي ، وخاصة أن الجماهير حملت الأعلام الفلسطينية في كل مكان ، وكان العلم حاضرا في جميع المباريات ، ووضع كثير من الجمهور شارة الكوفية الفلسطينية على الأذرع والأيادي ، ورفضوا التعاطي مع أو الحديث مع وسائل الإعلام الإسرائيلية ، ومن حضر من الإسرائيليين لمشاهدة المونديال ، وباتوا منبوذين ومعزولين ، مما أدي بحكومة إسرائيل إلى الطلب من مواطنيها عدم السفر إلى قطر ، وتوجيه شكوى لــ ( الفيفا ) وللدولة المنظمة قطر ، وهكذا حضرت فلسطين وغابت إسرائيل ، وهو ما ترجمه رد مواطن سعودي على مراسل التلفزيون الإسرائيلي ، عندما طلب منه إجراء مقابلة معه فرد عليه ” لا يوجد شيء اسمه إسرائيل ، هناك فقط دولة فلسطين ” وهكذا أصبح مونديال قطر يسمى أيضا ( مونديال فلسطين ).
***