الاستيطان.. القدس نموذجاً.
إعداد : د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
(يفترس الضفة الغربية 474 موقعاً استيطانياً.. 184 مستوطنة، 171 بؤرة استيطانية، 26 موقعاً، 93 مبان مستولى عليها، منها 29 مستوطنة في القدس المحتلة)
الاستيطان هو السيطرة العملية على الأرض لتحقيق الاستراتيجية الاسرائيلية التي انتهجت فلسفة أساسها الاستيطان الاستعماري الاحتلالي التوسعي، للاستيلاء على الأرض الفلسطينية، بعد طرد سكانها بحجج وخرافات دينية وتاريخية زائفة، وترويج مقولة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”. من خلال عدوان متواصل أداته إرهاب الدولة، وغايته تهويد كامل فلسطين وترسيخ مفهوم ان المستوطنين جزءاً حيوياً من النظام الأمني الإسرائيلي، ولخلق حاله من التبعية بين الاحتلال والمحتل في مقومات الحياة كافة لمنع التوصل إلى تسوية إقليمية فلسطينية إسرائيلية تسمح بإقامة كيان فلسطيني ذي ولاية جغرافية واحدة متواصلة.
انطلقت الفكرة الأولى للاستيطان بعد ظهور حركة الاصلاح الديني على يد مارتن لوثر في أوروبا، بمباركة المذهب البروتستانتي ومقولته: “إن اليهود شعب الله المختار، وطنهم المقدس فلسطين، يجب أن يعودوا إليه” ففي عام 1799 كان الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت أول زعيم دولة يقترح إنشاء دولة يهودية في فلسطين أثناء حملته الشهيرة على مصر وسوريا. ومع ضعف الدولة العثمانية وزيادة الأطماع الأوروبية في ممتلكاتها طلب السفير البريطاني في القسطنطينية بالتدخل لدى السلطان العثماني للسماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين.
أما النشاط الاستيطاني اليهودي بدأ بشكل فعلي لفلسطين بالظهور عام 1840بعد هزيمة محمد علي الحاكم المصري واستمر حتى عام 1882عندما وصل 3000 يهودي من أوروبا إلى فلسطين. ومع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920بدأت المؤتمرات الصهيونية العالمية بالانعقاد، وأُسست المنظمة الصهيونية العالمية مؤسسات من أجل تكثيف عمليات استملاك الأراضي الفلسطينية منها الاتحاد الإسرائيلي العالمي الأليانس، وتدفقت الهجرة اليهودية بأعداد كبيرة حتى إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 على 77% من مساحة فلسطين التاريخية، وفي عام 1967، تمكنت إسرائيل من احتلال كافة الأراضي الفلسطينية.
إن مبدأ السطو على أرض الغير وطرد أصحابها وتوطين اولئك القادمين من الشتات هي فكرة لها أساسها الأيديولوجي وبعدها الاستراتيجي والذي يتجسد في مفهوم الاستيطان، وما إن اندلعت حرب حزيران 1967م والتي كانت نتائجها احتلال ما تبقى من أرض فلسطين الضفة الغربية وقطاع غزة حتى سارعت إسرائيل في وضع الخطط بهدف إقامة العديد من المستوطنات وذلك للسيطرة الكاملة على كل الأرض الفلسطينية .ويتجلى الفرق بين المستوطنة والبؤرة الاستيطانية بالقول: المستوطنات: هي كل تجمع بنائي يقام على الأراضي المسلوبة من الفلسطينيين بالقوة، أما البؤر الاستيطانية: أي بناء استيطاني جديد محدود المساحة وينفصل عن مسطح بناء المستوطنة، تم بناءه بهدف توسع مستقبلي لمستوطنة قائمة.
*الاستيطان.. القدس نموذجاً
يعتبر الاستمرار باتخاذ قرارات بناء وحدات استيطانية في مدينة القدس المحتلة والضفة الغربية من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة علامة استفهام كبيرة مفادها أن الحكومات الإسرائيلية تقوم بتنفيذ مخطط استيطاني لإحكام عزل القدس المحتلة وتقطيع أوصال الضفة الغربية كسياسة إستراتيجية إسرائيلية بدأت فصولها منذ احتلال الأراضي الفلسطينية سنة 1967.
وتهدف الخطط الاستيطانية المتواصلة لفرض الأمر الواقع وفصل القدس الشرقية المحتلة عن محيطها الفلسطيني بشكل كامل واستكمال المشروع الاستيطاني المعروف باسم “القدس الكبرى”. (وكان هذا واضحاً عندما جاءت موافقة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على بناء ما بين 4500 الى 5500 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات مقابل عدم انسحاب حزب البيت اليهودي المتطرف من الحكومة بعد اقرار إطلاق سراح أسري فلسطينيين).
كما وتهدف حكومة الاحتلال من مصادقتها على بناء وحدات استيطانية جديدة إلى تفريغ القدس المحتلة من سكانها وخلق الوقائع على الأرض وإنهاء ملف القدس كملف تفاوضي من جهة أولى، وان مثل هذه الاجراءات تجعل استحالة استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ممكنة لأنه لن يكون هناك سلام دون القدس ودون انسحاب كامل من القدس الشرقية من جهة أخرى.
إن أصحاب القرار والمخططون الاستراتيجيون في إسرائيل سعوا ويسعون إلى خلق هيمنة ديموغرافية يهودية مطلقة في القدس، وإنه يجب أن يكون في القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل أغلبية يهودية، ناهيك عن طموحات إسرائيل من وراء البناء المتسارع للمستوطنات والجدار العازل حول مدينة القدس الشرقية إلى استباق نتائج المفاوضات وتوطيد سيطرتها على البلدة القديمة وعلى معظم أحياء مدينة القدس الشرقية وبالتالي إحباط إمكانية أن تصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية والتي من دونها سيكون حل الدولتين غير قابل للتطبيق.
– أساليب تهويد القدس
أولا: تفريغ المدينة من أهلها:
يقوم الاحتلال الاسرائيلي بتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين واستبدالهم باليهود بطرق شتى منها:
1. مصادرة الأراضي والعقارات من أهلها، لا سيما الغائبين، وتهجير سكانها خارج المدينة، وذلك بسنّ قوانين تخدم مشروعهم، وفي نهاية المطاف منح هذه الأراضي لليهود من خلال إقامة مستوطنات في القدس ومحيطها.
2. عزل أحياء مقدسيّة بجدار الفصل العنصري، واعتبارها خارج مدينة القدس، ومنع أهلها من دخول القدس. على غرار العيزرية وأبو ديس والرام وضاحية البريد وغيرها.
3. سحب الهويات المقدسية من أهلها، ومنعهم بعد ذلك من الإقامة في القدس.
4. بناء المستوطنات الصهيونية حول مدينة القدس بشكل دائري، وضمها إلى المدينة لتكثيف الوجود اليهودي لإعطاء صبغة يهودية للمنطقة، فهذا الطوق يشمل كل من المستوطنات التالية: “هار حوما” جبل أبو غنيم، “معاليه أدوميم” – أراضي أبو ديس، “بزغات زئيف” أراضي حزما وبيت حنينا، “نفي يعقوب” على أراضي بيت حنينا وضاحية البريد، “جبعات زئيف” على أراضي الجيب وبدّو، “ريخيس شفاط” على أراضي شعفاط.
5. تضييق الخناق على المقدسيين، وتقليل فرص العمل لديهم ليضطروهم إلى الهجرة خارج القدس.
ثانيا: تهويد المدينة:
هي المحاولات المستمرة من قبل السلطات الإسرائيلية من أجل نزع الهوية العربية الإسلامية التاريخية من مدينة القدس وفرض طابع مستحدث جديد وهو الطابع اليهودي. وهذا هو هدف المشروع الصهيوني، جعل القدس عاصمة لدولتهم اليهودية وبناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى المبارك، وذلك من خلال:
جعل محيط المسجد الأقصى يهودياً صرفاً، أو ذا أغلبية يهودية ساحقة للسيطرة على المدينة والمسجد من خلال الاستيلاء على ممتلكات فلسطينية وتحويلها الى بؤر استيطانية ومدارس دينية.
تغيير أسماء الشوارع والأماكن العربية الإسلامية إلى أسماء عبريّة تلموديّة، كتسمية القدس ذاتها يورشلايم أو أورشليم.
تحويل المعالم الإسلامية والمسيحية إلى معالم يهودية؛ كتحويل المدارس الإسلامية القديمة التاريخية، أو المصليات إلى كنس، أو هدمها وبناء مباني مكانها.
إكثار الحفر تحت المسجد وفي محيطه بحيث يصل مجموع الأنفاق التي تم حفرها الى 25 حفرية موزعة بالاتجاهات الثلاثة: الجنوب، الشمال، الغرب، وبناء مدينة داود المزعومة تحت المسجد في منطقة سلوان العربية وفي محيطه وفق الوصف التلمودي.
حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى، وبناء كنس يهودية لأداء طقوسهم التلمودية، وتهديد المسجد بحيث هناك احتمال لسقوطه عند وجود هزة أرضية، أو بافتعال تفجيرات أسفل منه.
تكريس الوجود اليهودي داخل المسجد الأقصى، وذلك بالصلاة فيه يومياً، وباقتحام باحاته في وضح النهار وأيام أعيادهم وبحماية من الشرطة الاسرائيلية أو ما يسمى حرس الحدود، لتثبيت مبدأ أن الأحقية لهم في المسجد الأقصى.
التدخل في صلاحيات الأوقاف الاسلامية المشرفة على المسجد، ومنعها من القيام بأعمالها لا سيما ترميم المسجد وأبنيته وساحاته، حتى كادت جدران بعض أماكنه أن تسقط، وذلك بسبب الحفريات التي تجري تحته أيضاً.
منع المصلين الآتين من الأراضي المحتلة عام 48، أو أهل قطاع غزة، أو الضفة الغربيّة، أو حتى المقدسيين أنفسهم من الدخول إلى المسجد، مع وضع عراقيل وشروط لذلك على غرار منع الرجال الذين دون الـ 40 عاماً من دخول المسجد.
وقد اتبـعت “اســـرائيل” ســــلسلة قوانين وأنظمــة لتجســـيد الاســتيطان في القدس وتهويدها. ومن هذه القوانين والأنظمة الفاشية:
قوانين مصادرة الأراضي: استخدمت إسرائيل هذه القوانين للمصادرة بدعوى إقامة المستوطنات عليها، وبموجب قانون الأراضي لسنة 1953 ومن خلال وزارة المالية وتحت غطاء للمصلحة العامة، تمت مصادرة 24كم مربع، أي ما يعادل 35٪ من مساحة القدس الشرقية، فأنشأت 15 مستوطنة وقامت ببناء 47 ألف وحدة سكنية، ويعتبر قانون المصادرة للمصلحة العامة من أهم القوانين التي استخدمتها إسرائيل في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التي كانت تعتبر المنفذ الحيوي الوحيد للتطور العمراني الفلسطيني في القدس وضواحيها.
قوانين التنظيم والبناء: استخدمتها إسرائيل للحد من النمو العمراني وبهذا السيطرة على النمو السكاني عن طريق التنظيم والتخطيط، فبدأت ومنذ الأيام الأولى للاحتلال بإغلاق مناطق حول البلدة القديمة بإعلانها مناطق خضراء يمنع البناء عليها وهذا ما أعلنه في حينه تيدي كوليك رئيس بلدية القدس الغربية بأن الاعلان عن الكثير من المناطق الخضراء في مدينة القدس وضواحيها انما جاء ليحد من التوسع والبناء العربي، ما جعل 40٪ من مساحة القدس الشرقية مناطق خضراء يمنع البناء الفلسطيني عليها، ولكنها تعتبر مناطق احتياط استراتيجي لبناء المستوطنات، كما حدث في جبل أبو غنيم منطقة (الرأس في قرية شفعاط) عندما تم تحويلها من مناطق خضراء إلى مناطق بناء استيطاني (هارحوماه، ريخس شفاط)، كذلك تم تحديد مستوى البناء، فبالنسبة للفلسطيني لا يسمح له بالبناء بأكثر من 75٪ من مساحة الأرض وهو الحد الأقصى، بينما يسمح لليهود بالبناء بنسبة تصل إلى 300٪ من مساحة الأرض، كما تم وضع العراقيل الكبيرة أمام رخص البناء والتكاليف الباهظة التي تصل إلى 30 ألف دولار للرخصة الواحدة، بالإضافة إلى الفترة التي يأخذها إصدار الرخصة ما دفع السكان إلى البناء دون ترخيص أو الهجرة باتجاه المناطق المحاذية لبلدية القدس حيث أسعار الأراضي وسهولة الحصول على رخصة أسهل وأقل تكلفة مما هو موجود داخل حدود البلدية.
قانون الغائبين: مصادرة الأراضي بموجب قانون أملاك الغائبين لسنة 1950، استخدمت إسرائيل هذا القانون الذي ساعد وضعه على تهويد المدينة، وهذا القانون ينص على أن كل شخص كان خارج إسرائيل (المناطق المحتلة من القدس وضواحيها) أثناء عملية الإحصاء التي أجرتها السلطات الاسرائيلية عام 1967، فإن أملاكه تنتقل إلى القيّم على أملاك الغائبين، ويحق للقيّم البيع والتأجير، وهذا ما حصل في العقارات التي تم الاستيلاء عليها من قبل الجمعيات الاستيطانية بالبلدة القديمة وخصوصاً المليونير اليهودي إيرفين موسكوفيتش الذي اشترى العديد من العقار التابع لأملاك الغائبين وأقام عليه البؤر الاستيطانية بالتوافق مع السلطات الاسرائيلية ومخططاتها الاستيطانية.
الأسرلة: استكمالاً للمشروع الإسرائيلي في القدس يعمل الإسرائيليون على “أسرلة” ( جعله اسرائيليا) الأقلية التي بقيت في المدينة من الفلسطينيين والتي لا تزيد عن 27٪، وتسعى إسرائيل الى ربط القطاعات الصحية والتعليمية والتجارية والصناعية والخدماتية بـالسلطات الاسرائيلية وتحويل ضم المدينة من ضم الأرض إلى ضم الأقلية المحددة لسكان القدس، وتقوم البلدية بما يلزم من إجراءات جنباً إلى جنب مع باقي المؤسسات الإسرائيلية لأسرلة من تبقى من المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية، وذلك من خلال تطور الخدمات المقدمة للأقلية التي تريد أسرلتها. لذلك عملت على رفع مستوى استيعاب المدارس الإسرائيلية الحكومية لتقضي على المدارس العربية الحكومية والخاصة على الرغم من النقص الحاد في الغرف الصفية لهذه المدارس، إضافة إلى محاصرة مشروع الصحة الفلسطيني في القدس.
الوضع القانوني للفلسطينيين المقدسيين: تنظر إسرائيل إلى المواطنين الفلسطينيين في القدس على أنهم مواطنون أردنيون يعيشون في إسرائيل، وذلك طبقاً للقوانين التي فرضتها على المدينة، حيث أعلنت في الأيام الأولى للاحتلال سنة 1967 منع التجول وأجرت إحصاء للفلسطينيين هناك في 26/6/1967، واعتبرت أن جداول هذا الإحصاء هي الحكم على الأساس لإعطاء بطاقة الإقامة للفلسطينيين في القدس، ومن يوجد من المقدسيين لأسباب خارج القدس، سواء أكان ذلك خارج فلسطين أم خارج المدينة (لا يحق له العودة إليها) وطبقت على الفلسطينيين قانون الإقامة لسنة 1952 وتعديلاته لسنة 1974 بما فيها الأمر رقم 11 لأنظمة الدخول والذي يقضي بشروط وتعليمات خاصة متعلقة بالإقامة لكل من يدخل إلى إسرائيل، وبذلك اعتبرت جميع الفلسطينيين المقيمين في القدس قد دخلوا بطريقة غير شرعية في الخامس من حزيران، ثم سمح لهم بالإقامة في إسرائيل، وبذلك فهم ليسوا مواطنين وإنما أجانب يقيمون إقامة دائمة داخل إسرائيل، هذا هو الوضع القانوني للفلسطينيين في القدس.
وبموجب الأمر رقم 11 من تعليمات وأنظمة الدخول إلى إسرائيل فكل من يغير مكان الإقامة يفقد حق العودة إلى القدس، وتغيير مكان الإقامة ليس إلى خارج فلسطين (إسرائيل) فقط وإنما خارج حدود البلدية، وبالتالي يتم سحب حق الإقامة وإخراجه خارج البلاد، كل ذلك من أجل إعادة التوازن الديمغرافي لصالح الإسرائيليين وجعل السكان العرب أقلية في المدينة.
*الاستيطان ينمو بمعدل اعلى من نمو سكان اسرائيل
تؤكد حركة السلام في إسرائيل على أن التوسع في مستوطنات الضفة الغربية يجرى بمعدل أعلى من معدل نمو السكان في إسرائيل، وبناء الجدار العازل الذي تبلغ مساحته 725كم ويمتد من غور الأردن شمالاً حتى جبال الخليل جنوباً ويمر بعمق 140 كم في مستوطنات الضفة الغربية، هذا الجدار مع المستوطنات يبتلع نحو 20% من مساحة الضفة الغربية البالغة بالأصل 5844كم، وأن الطرق الالتفافية التي ضمتها إسرائيل في هذه المناطق تبلغ 800كم.
وتشير الاحصائيات حول المساحات في الاراضي الفلسطينية إلى ما يلي:
1. مساحة الاراضي الفلسطينية التي أعلنت عليها الدولة:
الضفة الغربية 5844 كم2 بما فيها القدس الشرقية.
قطاع غزة: 365 كم2.
2. مساحة الاراضي المقام عليها المستوطنات في دولتنا:
مساحة البناء: 196 كم2
مساحة البناء + التوسع المستقبلي: 540 كم2
3. مساحة الاراضي المصادرة وما تزال فارغة حول المستوطنات: 343 كم2
4. مساحة اراضي C: 60 %
مساحة اراضي B: 19%
مساحة اراضي A: 18%
محمية طبيعية: 3%.
ومن بعد هذه المعطيات والاحصائيات كيف يمكن الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967 وبتعداد سكاني فلسطيني خمسة ملايين نسمة حالياً والمستوطنات الإسرائيلية تبتلع الأراضي وتحرم السكان الأصليين من التمتع بحريتهم واقتصادهم وتحجب في نفس الوقت إمكانية لسيادة حقيقية على الأرض؟
*الاستيطان ينتهك القانون الدولي:
الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها مدينة القدس الشرقية بكافة أشكاله من بناء وحدات سكنية وشق طرق واقتلاع أشجار وتدمير مزروعات وعمليات مصادرة وتجريف للأراضي وإقامة النقاط العسكرية والبؤر الاستيطانية التي تشكل أخطر الأشكال الاستيطانية يعد خرقاً فاضحاً للاتفاقيات الدولية.
تنتهك دولة الاحتلال السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية المادة 49، الفقرة 6 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر على القوة المحتلة نقل مجموعات من سكّانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها. ولا تقتصر على هذا البند، انما تُجادل إسرائيل، على النقل القسري الذي يشمل الوضع الذي تعمل فيه القوة المحتلة بنشاط ومن خلال مجموعة من الحوافز السياسية والاقتصادية لتشجيع سكانها على الإقامة والسكن في الأراضي المحتلة، وبذلك تغيير صفتها الجغرافية والديمغرافية. كما تنتهك إسرائيل البنود الأخرى للقانون الإنساني الدولي، وخصوصاً (1) المادة 53 من معاهدة جنيف الرابعة التي تحظر تدمير الممتلكات الخاصّة، إلاّ إذا اعتبرت ضرورية للعمليات العسكرية، (2) والمادة 46 من أنظمة لاهاي التي تحظر مصادرة الممتلكات الخاصّة، (3) والمادة 55 من أنظمة لاهاي التي تُجبر القوة المحتلة على إدارة الأراضي المحتلة وفقاً لقواعد حق الانتفاع (هذا البند مهم حينما يتعلق الأمر بفحص الممارسات الإسرائيلية تجاه الموارد الطبيعية للأراضي المحتلة مثل المياه).
كما ويمنع القانون الدولي الإنساني الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى المناطق التي قامت باحتلالها، المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 بالإضافة إلى ذلك تنص أنظمة هاج على منع الدولة المحتلة من إجراء تغيرات دائمة في الأراضي المحتلة، باستثناء تغييرات جذرية لحاجات عسكرية او لصالح السكان المحليين. والقرارات المتكررة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، وفتوى محكمة العدل الدولية بخصوص تشييد إسرائيل للجدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، أكدت جميعها وبصورة قاطعة، على أن المستوطنات في الأراضي الفلسطينية تعتبر مخالفة للقانون الدولي.
فالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة هي غير شرعية. وتعتبر مخالفة لإحكام وقواعد القانون الدولي الإنساني العرفي والتعاقدي، وتحديدا أحكام المادة 49 (فقرة 6) من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 والتي تنص على أنه لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.
وبناء الحكومة الإسرائيلية ألاف الوحدات السكنية في الأراضي الفلسطينية من أجل إسكان أعداد كبيرة من السكان اليهود قد غير خريطة الأراضي الفلسطينية، وخلق وضعاً سكانياً ومادياً واقتصادياً واجتماعياً يتناقض تناقضاً تاماً مع مفهوم التغيير المؤقت. فالقانون الدولي للقوة المحتلة يسمح باستعمال موارد الأراضي المحتلة من أجل حاجات سكان الأراضي المحتلة حصراً، ولا يسمح بالخروج عن هذا المبدأ إلا عند وجود مصلحة أمنية تقتضي الحماية، وعليه فإن أنشطة البناء والإسكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة لم تخدم حاجات السكان الفلسطيني ولم تنشأ عن اعتبارات أمنية، بل كان القصد من هذه الأفعال خدمة المصالح القومية والاقتصادية والاجتماعية لدولة إسرائيل، ولذلك فهي تعد انتهاكاً واضحاً.
وأفعال الحكومة الإسرائيلية في فرض القانون الإسرائيلي على القدس الشرقية ومصادرة الأراضي من أجل بناء الأحياء اليهودية والمستوطنات في مختلف الأراضي الفلسطينية وتضافر جهود الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على إسكان أكبر عدد ممكن من اليهود في هذه الأراضي، تنتهك القانون الدولي وهذه الأفعال تنافي المبادئ المقصود بها تنظيم علاقة القوة المحتلة بالسكان المقيمين في الأراضي المحتلة والتزاماتها حيال هؤلاء السكان.
وإقامة المستوطنات وتوسيعها في الضفة الغربية بما فيها القدس ينتهك القانون الدولي الإنساني الذي يحدد المبادئ التي تطبق خلال الحرب والاحتلال، كما تنتهك المستوطنات الإسرائيلية حقوق الفلسطينيين المنصوص عليها في قانون حقوق الإنسان الدولي، ومن بين الانتهاكات الأخرى، فان المستوطنات تنتهك حق تقرير المصير، وحق المساواة، وحق ملكية الأرض، ومستوى معيشي لائق، وحق حرية التنقل.
والمطلوب من المجتمع الدولي والدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة عدم تجاهل الحقائق على أرض الواقع والوفاء بالتزاماته الناشئة بموجب المادة الأولى من الاتفاقية بهذا الخصوص، وأن السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم مرتبط باحترام المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وعلى المجتمع الدولي الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلية لوقف كافة مشاريعها الاستيطانية في الأراضي المحتلة، والتأكيد على احترام السلطات الإسرائيلية للقانون الدولي وأنها ستتعرض للمسائلة والمحاسبة جراء مواصلتها انتهاك القانون الدولي وان احترام القانون الدولي هي الخطوة الأساسية لتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وعلى العالم المعاصر أن يتحرك دولياً لإجبار إسرائيل التوقف عن مواصلة سياساتها الاستيطانية وتحديها للإرادة الدولية الهادفة إلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
*الاستيطان لا يمنح حقاً:
ان جميع المستوطنات الاسرائيلية في الأراضي المحتلة بموجب القانون الدولي بفروعه بالإضافة إلى نقل سكان الدولة المحتلة مناقضة لكل المبادئ الدولية واتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949، حيث هذه الاتفاقية تفصل سلسلة طويلة المخطورات المفروضة على قوة الاحتلال. وجوهر هذه الاتفاقية في هذه الحالة يحظر على المحتل توطين سكانه في الاراضي المحتلة. وهو ما أعادت التأكيد عليه العديد من قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد إنكار أي صفة قانونية للاستيطان أو الضم، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات بما في ذلك الاستيطان في القدس، حيث إن بناء المستوطنات يمس بحقوق الفلسطينيين، المنصوص عليها في القانون الدولي.
إن المستوطنات غير شرعية وغير قانونية بموجب القانون الدولي الانساني، وبالتالي فإن خلق الأمر الواقع بالقوة لا يمكن أن يكسب حقاً من جهة، وأن الاستيطان الاسرائيلي هو السبب الرئيسي والمباشر وراء عدم استقرار الأوضاع في الأراضي المحتلة واستمرار التوتر القائم من جهة اخرى. وبناء المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية يعد خرقاً للقانون الدولي الانساني، الذي ينص على القوانين والنظم المتبعة في أوقات الحرب والاحتلال، بل ويعد هذا ايضاً خرقاً لحقوق الانسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي، حيث إن القانون الدولي الانساني يمنع الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى المناطق التي قامت باحتلالها بالإضافة الى ذلك تنص أنظمة هاج على منع الدولة المحتلة من اجراء تغييرات دائمة في الأراضي المحتلة، باستثناء تغيرات ضرورية لحاجات عسكرية او لصالح السكان المحليين. لذا، فان المستوطنات شر قام على شريعة الغاب والعنجهية والاغتصاب، وإن المساس بالأراضي المحتلة بما فيها مدينة القدس جداً خطير، وكل ما تقدم عليه سلطات الاحتلال مؤخراً من اغتصاب للأراضي الفلسطينية المحتلة، ترفضه كل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية وتعتبره عدواناً إسرائيلياً صارخاً لا يمكن قبوله.