حول إشكالية الإندماج في بلاد المهجر
كتبت : علية مجدي – اتاوا .
***
… تبدوا فكره الاندماج في المجتمع الجديد ( بلد المهجر ) بسيطة وسهلة .. لكن هي تذكرني تماما بمهارة السير على الحبل إن كنت متحجرا شديد التصلب ستسقط !!! ان كنت لينا شديد الرخاوة فوق الحبل ستهوى أيضا .. إنما عليك ان تكون في حاله وسط بين هذا وذاك حتى تكتب لك النجاة !!! وتلك الصورة التي رسمتها في ذهنك الأن تقودني الى سؤال مهم هل علينا ان نندمج أم ننصهر أم ننعزل تماما عن المجتمع الجديد ؟!؟ وما تبعات كل من هذه الحالات !؟ الاندماج بتعريف بسيط هو قدرت المهاجر على ان يكون جزء من المجتمع الجديد .. وان تكون جزء من المجتمع لا يعني بالضروره ان تنصهر تماما في هذا المجتمع وتتوحد معه حتى تنسي من انت !؟ وتفقد ما يسمى بالهوية .. وان تصل لهذه المرحله هو بالشيء المستحيل لكن ربما يشعر ابناء المهاجرين بذلك اذا ما نشأوا منذ الصغر في بلاد المهجر ولم يقدم لهم الاهل كل المعلومات اللازمه عن وطنهم الام وثقافتهم ولغتهم الاصليه .. وهويتهم .. وتعد الولايات المتحده الامريكيه من اكثر دول المهجر التي تدفع المهاجرين اللي الانصهار التام تحت شعار ما يسمى (بالثقافه الامريكية ) بينما لاتدفع كندا مهاجريها اللي تلك الحاله من التخلي التام عن الهوية !!! ربما بسبب تركيبة المجتمع ذاته متعدد الثقافات .. وللحديث بشكل منضبط حول اشكالية الإندماج في بلاد المهجر يجب ان ننظر للقضيه من جانبين الاول متعلق بالمهاجر نفسه والجانب الآخر هو دور الدولة في تسهيل عملية الإندماج .. في دراسة اجتماعية حول الاندماج في الدول الأوربية، أجراها كلّ من “المجلس البريطاني”، و”مجموعة سياسة الهجرة” شملت25 دولة أوروبية إضافة إلى كندا؛ توصلت إلى أنّ اندماج الأجانب لا يمكن أن يتوقف عليهم فحسب، بل لابد للدولة أن تقدّم الدعم لهذا الغرض، ومن أهم العوامل التي تسهل عملية الاندماج حسب الدراسة هي: تسهيل دخول الأجانب نحو سوق العمل، تسهيل عملية التجنيس، بل وحتى منحهم حق الانتخاب. التحلي بالجرأة عند مقارنة القوانين والتشريعات القانونية المتعلقة بسياسة الاندماج التي تقوم على أسس مشتركة. ولعل عامل اللغه ويليه العادات والتقاليد القيم المجتمعية هي عوامل اخرى لا تقل اهمية في تسهيل عملية الاندماج ربما لم ترد في الدراسة .. لكن وبالنظر الى كندا .. لم تغفل الاهتمام بتلك العوامل حيث وفرت وتوفر باستمرار مراكز تعليمية لتطوير لغه المهاجرين وتعريفهم بالمجتمع الكندي بشكل يسهل على المهاجر عملية الاندماج .. تقبل الآخر هو عامل مهم ايضا .. فكيف لك ان تطلب من المهاجر ان يتقبل الافكار والقيم الانسانية المخالفه له وبلد المهجر ذاته لايتقبل فكرهذا المهاجر وهذا ما نجده جليا في التجربة الفرنسية حيث قوبلت الجماعات المهاجرة التي تنتمي للفكر الاسلامي بالقمع وعدم التقبل تحت شعار ما يسمى (بالاسلاموفوبيا ) فما كان امام تلك الجماعات المهاجره سوى التكتل في تجمعات شديده الانغلاق داخل المجتمع الفرنسي وكأنهم دولة داخل الدولة. وتعد فرنسا النموذج الاسوء في ما يخص فكرة اندماج المهاجرين، حيث تحول المجتمع الفرنسي الي جزر منعزله كل مجموعة على حده ولا تناغم بينها . أما لو تحدثنا عن دور المهاجر نفسه في مسأله الاندماج فستبقى كلمة تقبل الآخر والانفتاح على المجتمع الجديد والاختلاط السريع به هي الكلمات السحرية ، التخوف من ضياع القيم والهوية تعد اول معوقات الاندماج واذا ما ادرك المهاجر ان تقبل الآخر واحترام الاختلاف لا يتعارض بالضرورة مع القيم الدينيه او الانسانية التي جاء بها من بلده الام لاصبحت عملية الاندماج ايسر. قضية الإندماج يطول فيها الحديث وربما كان لنا وقفات اخرى امام هذه الاشكالية في وقت لاحق .. دمتم طيبين.
***