***
عابر سبيل لهذا العدد هو الأستاذ الإعلامي خالد سلامة من ميسيساغا اونتاريو، والعبور بعنوان :
حكاياتي .. العاشق و الفتاة ال” متدفقة ” العمدة.
عندما انطلق الصوت المميز لوصول رسالة جديدة من رسائل الواتسآب نظرت سريعا إلي شاشة هاتفي ثم قررت تأجيل فتحها إلى وقت لاحق .. الرسالة من صديقي المقرب والذي لايجب أن أتأخر في الرد عليه إن كانت الرسالة مكتوبة ولأن تلك الرسالة مجرد فيديو ولأنني على وشك أن أجلس في مقعد القيادة والخروج للطريق السريع كان قرار تأجيل فتحها إلى وقت لاحق من النهار من عادتي أن استمع للراديو في السيارة .. لأن الراديو يربطك بالعالم .. وتشعر مع كل خبر تسمعه أنك تذهب إلى ذلك المكان الذي يتحدث عنه الخبر .. بل وتشعر أنك تقف بين الشخصيات التي يتحدث عنها الخبر . في هذا الصباح .. كان الطريق السريع بطيئا نوعا ما بسبب الثلوج .. برغم أن الثلوج تجعل القيادة أبطأ .. وتزيد من الحرص والانتباه لظروف الطريق إلا أنها تعطيك دقائق إضافية لتتابع الأخبار خاصة في الصباح . برنامج البث المباشر الصباحي الشهير يتحدث عن خبر الموسم .. استقالة عمدة تورونتو أكبر مدن كندا بعد اعترافه الواضح بعلاقة غرامية أو أكثر من غرامية بموظفة سابقه تحت إدارته في مجلس المدينة.
يا إلهي .. هذا الرجل .. يدخل عامه الثامن في مركزه كعمدة لتلك المدينة الأكبر ..كان انتهى للتو من خوض غمار انتخابات فاز بها بفترة ثالثة لمنصب العمدة .. وهو يقترب من السبعين عاما..
ابتسمت بيني وبين نفسي عندما قفزت لرأسي معلومة أن العمدة ” جون توري” ورغم أعوامه التي اقتربت من السبعين إلا أنه لازال يتمتع بشعر غزير أطلقه ليطول كثيرا خلال فترة وباء كوفيد التي أغلقت خلالها كل المحلات بما فيها محلات الحلاقة ..
ابتسمت مرة أخرى هنا عندما تذكرت تصرفات السياسيين في كندا .. والذين كانوا خلال فترة الوباء يوهمون الشعب أنهم لم يستطيعوا حلق شعرهم ليكونوا مثلهم مثل أي كندي لايستطيع الذهاب للحلاق لأن محلات الحلاقين كانت مغلقة بقرار من الحكومة وفي نفس الوقت .. كان هؤلاء ” السياسيون ” يحصلون على خدمة الحلاقة من حلاقين يذهبون إلى منازلهم ومكاتبهم ويقومون بتهذيب شعورهم لتبقى طويلة وتعطى الانطباع أنهم أيضا لم يحلقوا فضلا عن حصول هؤلاء السياسيين على خدمة صبغة الشعر بطريقة رائعة .. يعنى بيضحكوا علينا واحنا بنصدق ومفيش بديل غير إننا نمثل إننا بنصدقهم وهما بيضحكوا علينا
نعم .. رئيس الوزاء الكندي ترودو يصبغ شعره بانتظام ليبدو وكأنه نفس الشاب الذي تم انتخابه قبل ثماني سنوات أيضا .
أعود مرة أخرى لمتابعة خبر العمدة توري .. ولكن ليست قصة شعره الطويل .. الغزير .. لكن ما كشف عنه هو بنفسه و باعترافه أنه ارتبط خلال الوباء بعلاقة عاطفية ” لا نعلم هل تطورت إلى أعمق من هذا أم لا ” مع الموظفة التي يبلغ عمرها في ذلك الوقت خلال الوباء 28 عاما أي أنها تصغره بأكثر من نصف عمره
نزوة نهاية العمر من عمدة أكبر مدينة .. وقع في حبائل الشابة متدفقة ” الطموح” بلا شك ولا أدري إن كانت متدفقة الأنوثة لأنني لا أعلم من هي وكيف تبدو .. لكن الأكيد أن الرجل الكبير المتزوج لعقود طويلة .. فقد حكمته ووقع ضحية لمسات ونظرات وإيحاءات و مشاعر وتلميحات وأكيد مياصة ودلع من شابة صغيرة بالتأكيد لم تكن لتقدم على تلك العلاقة إن لم يكن هذا الرجل العجوز هو رئيس كل المديرين في مدينة تورونتو .. إنه العمدة ..
تخيل تلك الفتاة صديقة أو عشيقة العمدة .. لاشك أن لديها خطة لتحصل على ترقية أو منصب أو وظيفة أفضل في مكان آخر خارج بلدية تورونتو الضخمة وبراتب أفضل بكثير لمجرد أن يتوسط لها العمدة .. وهذا بالفعل ما تم .. حصلت العاشقة ” المتصنعة ” على واسطة من العمدة العجوز .. وحصل هو على ” استمارة تسعة ” استقال في عز توهج السلطة وحب سكان تورونتو له وفي قمة احترام الجميع له كسياسي وعمدة يعمل بجد لقيادة مدينة معقدة كبيرة معقدة مزدحمة بالناس والمشاكل وتعاني من تردي المرافق وتصارع لتبقى على قائمة أفضل المدن في كندا والعالم ربما تواصلت الأخبار والتعليقات .. مابين من يلتمس العذر للعمدة العاشق و من يصب جام غضبه على العمدة الذي ” خان ثقة الناخبين ” وأحب فتاة تحت قيادته في وقت الوباء . الخاسر الوحيد مباشرة هو العمدة والخاسرون الأكبر هم زوجته وعائلته والفائز هنا .. العاشقة الصغيرة .. والخصوم السياسيون للعمدة توري . انعطفت أنا خالد سلامة بالسيارة إلى (الباركينج لوط) أماكن الانتظار ووضعت سماعة ( البلوتوث) في أذنى لأواصل الاستماع للإذاعة عبر هاتفي النقال وأنا أتوجه للمكتب لأبدأ يوم عمل جديد مزدحم بالمواعيد والناس في غمرة انشغالي نسيت رسالة الفيديو من صديقي على الواتسآب .. قررت أن أراها خلال ” اللانش بريك ” أو استراحة الغداء .. وهنا كانت حكاية أخرى من حكاياتي.
***