عابر سبيل العدد 136 ص4( الدروس والعبر التي ينبغي على قادة اسرائيل استخلاصها من عملية “طوفان ألأقصى)”
العابر هو الأستاذ سمير جبور
عابر سبيل لهذا العدد هو الأستاذ سمير جبور والعبور بعنوان :
الدروس والعبر التي ينبغي على قادة اسرائيل استخلاصها من عملية “طوفان ألأقصى”
أن عملية “طوفان ألأقصى” التي وقعت يوم السابع من تشرين الأول/اكتوبر ، 2023 انما هي بمثابة زلزال يفوق كثيرا الزلزال الذي واجهته اسرائيل يوم السادس من تشرين ألأول /اكتوبر 1973 .فهذا الزلزال زعزع الأركان التي تقوم عليها العقيدة الصهيونية استراتيجيا وسياسيا ودبلوماسيا واجتماعيا ومفاهيميا . والحق يقال ان التموجات التي تحدثها تلك العملية ستلحق الشرق ألأوسط الذي لن يبقى كما كان، والقضية الفلسطينية ستقفز الى أعلى سلم أوليات الوضع الدولي . ولا يمكن تجاهل تأثيرات العملية على توازن القوى في منظمة ألأمم المتحدة . ويمكن القول العالم سيشهد الكثير من التحولات . وهذه ستفرض على قادة اسرائيل والصهيونية استخلاص العبر والدروس من التغييرات المتوقعة .
أولا: لا تستطيع اسرائيل الإعتماد على القوة العسكرية لإخضاع الفلسطينيين والعرب عامة ،والقفز على القضية الفلسطينية وشطببها من المعادلة العربية والدولية .فخلال خمسة وسبعين عاما جرّبت اسرائيل جميع وسائل العنف والأرهاب والقوة العسكرية ضد الشعب الفلسطيني وضد الدول العربية المحيطة بها .فقد هدمت القري وصادرت الأراضي وجرّبت العديد من الحروب والعمليات العسكرية ولجأت الى ألإغتيالات وألإعتقالات والتهجير وهدم القرى وبناء المستعمرات غير الشرعية وانتهجت جميع وسائل ألإبادة والتمييز العنصري وألأحكام العسكرية .
ثانيا : لم يعد من المستطاع ان تتهرّب اسرائيل من حل الدولتين الذي لاقى ولا يزال ، خلال مسيرة عملية ” طوفان ألأقصى” تأييدا وإجماعا عربيا ودوليا واسعين . ولم يعد بالإمكان رفض حل الدولتين . والدرس المستفاد من رفض هذا الحل، هو انه طالما ان اسرائيل ترفض حل الدولتين ، لن تتوقف هذه الحلقة الخبيثة من الحروب والأعمال العسكرية . ولو قبلت اسرائيل هذا الحل منذ مؤتمر اوسلو على الأقل، لوفرت على نفسها سقوط ألالاف من رعاياها عسكريين ومدنيين ، وقتل ألالاف من الفلسطينيين واخرها الذين يستشهدون الآن في غزة .
ثالثا : لن يكتب البقاء لإسرائيل طالما تعتمد على الدول الغربية ، ولا سيما الولايات المتحدة . فهذا الإعتماد التام يجردها من مكانة الكيان المستقل ويفقدها الشرعية والإحترام وهو ليس مضمونا على مر السنين وألأيام . فما هي مقومات هذه ” الدولة” التي تعتمد على الدعم الخارجي في كل صغيرة وكبيرة ؟.فاذا كانت اسرائيل قد تعرضت لهجوم بضع مئات من المقاومين الفلسطينيين واستنجدت بالظهير الأميركي، حيث سارع الرئيس بايدن بالحضور ألأرعن الى اسرائيل وجلب اليها اسطوله. فكم بالأحرى لو اتحدت الدول العربية كلها بجيوشها الجرارة وهاجمت اسرائيل لتحرير قلسطين . فالعبرة هنا ان السلام العادل هو الضمانة لسلامة الجميع وليس اللجوء الى استخدام القوى العسكرية المفرطة .
رابعا: خسرت اسرائيل معركة الرأي العام الذي هب من زوايا العالم الأربع يندد بالوحشية وانتهاج سياسة الإبادة الجماعية . والدرس الذي على اسرائيل استخلاصه هو انه من المستحيل خداع الرأي العام العالمي وانتحال الآكاذيب الى أألأبد . فحرب الإبادة التي تشنها اسرائيل على اهل غزة عرت الحقد الصهيوني وطبيعة الفكر الصهيوني . ففي عصر انتشار وسائل الإعلام الإجتماعية لم تعد ألأكاذيب تنطلي على احد . فالرأي العام يشاهد ويسمع ويستخلص العبر ويثور على ارتكاب الجرائم بحق شعب أعزل صاحب الأرض.
خامسا : على قادة اسرائيل والصهيونية استخلاص العبرة من وقفة الشعوب العربية مع اهالي غزة .فالمراهنة على التطبيع مع قادة بعض الدول العربية ليس مضمونا .والعبرة المستخلصة هنا ان ضعاف النفوس من القادة زائلون ،واما الشعوب باقية وهي لن تتخلّى عن فلسطين وقضيتها . فهي متجذرة وراسخة في وجدان الشعوب وضمائرها.
هذه بعض العبر والدروس المستفادة من ألحرب الهمجية التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة . و بما ستكشف الأيام والأسابيع القادمة صحة هذه الدروس بعد اندحار العدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني سواء في قطاع غزة او الضفة الغربية المحتلة .
.