عابر سبيل مع الأستاذ خالد حميدان -رئيس مركز التراث العربي – تورونتو
العبور بعنوان : "زمن الوحش": الامتداد الحتمي في كل زمانٍ ومكانٍ
عابر سبيل
العابر في هذا العدد هو الأستاذ خالد حميدان – رئيس مركز التراث العربي – تورونتو
والعبور بعنوان :
“زمن الوحش”: الامتداد الحتمي في كل زمانٍ ومكانٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم أجلس لكتابة نقد فني حول مسرحية “زمن الوحش” لمؤلفها د. جورج وديع ولا لأثني على أداء الطاقم الفني المحترف الذي جسّد العمل على خشبة المسرح ليل السابع والعشرين من يوليو/ تموز 2024، وإنما لأقول كلمة مختصرة جواباً على سؤال طرحه عليّ الصديق الأستاذ محمد هارون، مدير فرقة تياترو العرب، لدى خروجنا بعد انتهاء العرض، وكنت أنتظره لأقدم له التهنئة على أدائه المميز لشخصية “الشهبندر” أولاً ولأشكره ثانياً على الدعوة الكريمة التي خصني بها إلى حضور هذا العرض المسرحي.
أما الكلمة المختصرة فهي تتمحور حول الفكرة الأساسية للمسرحية حيث الزمن الافتراضي أي “زمن الوحش” وهو زمن اجتماعي واقعي يمكن تلخيصه بالخوف الذي يتملكنا ويجعلنا نسلم بحقوقنا وأملاكنا للمتسلط الذي يحكمنا وهو يعمل بالواقع على مصادرة أموالنا ومواردنا دون وجه حق ويدعي بالمقابل حمايتنا من غدر الزمان ومفاجأته.
إنه الغبن اللاحق بنا بسبب جهلنا للحقيقة. وكأني بالكاتب يحرِّض سامعيه، من خلال المسرح، على الانتفاضة لدحر الخوف في داخلنا لنتخلص من “الوحش”. وليس الوحش، في الواقع، سوى الوهم الذي يسيطر على عقولنا وسلوكنا في كل مجال.
لن أدخل هنا في نقد أو تعليق على ما أورده المؤلف في سياق روايته وسأكتفي بالإشارة إلى نقطة واحدة فقط لا غير. صحيح أن الوحش يعيش في داخل كل منا وليس من حل للتخلص منه سوى بالإرادة الحرة والتصميم الجدي للقضاء عليه. إلا أن الصراع مع الذات لا ينتهي عند هذا الحد، لأن “زمن الوحش” له امتدادات في كل زمان ومكان وقد يتحقق بذات المضمون ولو بأشكالٍ مختلفة.. ومثال ذلك شد العصب في مختلف المجالات الدينية أو الاجتماعية أو السياسية مع العلم أن جميع المؤسسات المذكورة تقوم بالمبدأ على دعائم الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان غير أنها تتحول في غالب الأحيان إلى سلطة ديكتاتورية تسمح لنفسها بتجاوز المبادئ والأعراف والتنكر للحريات العامة وحقوق الآخرين. ولا يمكن وصف هذا الواقع سوى الامتداد لما سماه المؤلف “زمن الوحش” ويتكرر مثل هذا الامتداد ليحتل الصدارة في كل زمان ومكان. لذلك نحن في حرب مفتوحة وليس في معركة قد تنتهي بالضربة القاضية.
أرجو ألا يفهم من كلامي أن نستسلم للأمر الواقع ونترك مصيرنا معلقاً بيد “الوحش” طالما أنه عائد لا محال، وإنما أردت التأكيد على أن صراعنا لا ولن يتوقف عند “الضربة القاضية” وعلينا أن نكون مستعدين لمواصلة الصراع الذي لا ينتهي..
أرجو قبول وافر التحية والتقدير