عربيات

حقائق تاريخية أعادت تأكيدها حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني ومتطلبات المرحلة الراهنة.

كتب : الأستاذ سمير جبور - عابر سبيل - العدد 148 - ص 4.

عابر سبيل في هذا العدد هو الأستاذ الكاتب سمير جبور، والعبور بعنوان :
حقائق تاريخية أعادت تأكيدها حرب ألإبادة ضد الشعب الفلسطيني ومتطلبات المرحلة الراهنة

****


تبرز من حين لآخر خلال حرب الإبادة المستمرة منذ اكثر من سنة ضد الشعب الفلسطيني ، حقائق أساسية تاريخية حاولت اسرائيل والدول الغربية طمسها وعدم الإعتراف بها من اجل حماية وجود الدولة، والتغطية عى مشروعاتها وأطماعها في الوطن العربي وهذه الحقائق هي كالتالي:
أولاً: إن إصرار القيادة ألأسرائيلية اليمينية المتطرفة على مواصلة العدوان على قطاع غزة من دون أي مبرر، انما هو دليل قاطع على ان هذا الصراع هو “صراع وجود وليس صراع حدود” ، اي ان قادة الصهيونية يدركون أن استمرار قيام اسرائيل كدولة عبرية مرهون بالقضاء التام على وجود الشعب الفلسطيني ومؤسساته ، اي شن حرب ابادة جماعية وتطهير عرقي لكي لا يبقى اي مطالب جاد بالحقوق الفلسطينية المشروعة .
ثانيا: عطفا على الحقيقة الأولى يمكن القول ان الكيان الصهيوني لا يسعى الى اي حل سلمي مع الشعب الفلسطيني .اذ ان الحكومات إلإسرائيلية قاطبة أفشلت بالحيل والتلاعب بالألفاظ وبالدهاء والرياء كل مبادرة سلمية لحل القضية الفلسطينية بما في ذلك ” المبادرة العربية ” و”اتفاقات اوسلو” ،وغيرها من المبادرات السلمية الأخرى . وهذا يعني انه يتوجب على الفلسطينيين جميعا التوقف عن الرهان على الحلول السلمية مهما كان مصدرها ، سواء كانت غربية او عربية. ومعنى ذلك أيضا ان القيادة الصهيونية اعتمدت القوة العسكرية وحدها لإخضاع الشعب الفلسطيني وتيئيسه لكي يفقد ألأمل من استرداد حقوقه و العودة الى وطنه.
ثالثا: اُثبت العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ان المقاومة الفلسطينية والشعوب العربية التي تقف وراءها تشاهد بالبرهان القاطع، عبر هذه الحرب وعبر كل الحروب التي شنتها اسرائيل على الشعب الفلسطيني والعرب ، ان المجتمع الإسرائيلي غير مهيء لخوض حروب طويلة مكلفة من دون دعم الغرب ،وخصوصا الولايات المتحدة، ولا سيما ان الجيش الأسرائيلي في معظمه جيش احتياط لا يحتمل خسائر بشرية واقتصادية ، اي استنزاف موارد غير متوفرة له من دون الدعم الغربي.. بمعنى ان اسرائيل وحدها لا تستطيع الصمود ، ليس في وجه جيوش عربية منظمة ، بل وأيضا في مواجهة مقاومة فعالة من دون الدعم الكامل للدول الغربية. فبعد مرور 77 سنة على قيام اسرائيل وهي تعتمد على الدعم الخارجي . وهذا دليل قاطع على ان اسرائيل لا تتمتع بمقومات حياة طبيعية، وهي تفتقر الى عنصرين اساسيين لوجود دولة طبيعية وهما الأرض والشعب . ألأرض في معظمها مغتصبة من اهلها الشرعيين والشعب مستورد من مختلف أنحاء العالم . ولهذا ، فان اعدادا غفيرة من المستوطنين سيهجرون اسرائيل ، علاوة على الذين غادروا خلال العدوان. اذ انهم لا يشعرون بالإنتماء لهذا الكيان الذي يفتقر الى مكونات اساسية وهم يشعرون ان حياتهم في اسرائيل ستبقى تعتمد على الدعم الخارجي.
رابعا : في نهاية المطاف المنطق يقضي ان ما سيسفر عنه هذا العدوان هو أن قادة اسرائيل والصهيونية ربما يتوصلون الى قناعة بضرورة الخروج من دائرة الحروب الخبيثة الشريرة وإلإقتناع بضرورة الإعتراف بالحقوق الفلسطينية والتوقيع على مبادرة سلام حقيقية ،وقبول دولة فلسطينية وعاصمتها القدس العربية وعندها يمكن الإستغناء عن خوض حروب استنازافية مكلفة وعن الدعم الخارجي ايضا .
خامسا : كشفت حرب الإبادة ضد شعبينا الفلسطيني واللبناني ،إن ألأمة العربية باسرها تواجه عدوين : ألأول مباشر وهو اسرائيل دولة الإحتلال ألإستيطانية الطامعة في ألأرض العربية وخيراتها.والعدو الثاني هو دول حلف ألأطلسي التي تتطلع الى قيام اسرائيل بالتمهيد لمشروعاتها ولاسيما تشكيل ” شرق اوسط جديد” يحقق اطماعها الجيوسياسية والإقتصادية . وهكذا سقطت جميع ألأقنعة . وقد اختبرنا طوال مدة هذا العدوان يقينا كذب وافتراء المبعوثين الأميركيين وتملقهم ودهائهم . فقد درجوا منذ بدء حرب الإبادة على مخاطبتنا بالكلام المعسول والإدعاء بالحرص على أرواح الناس ومراعاة الحاجات الإنسانية . وفي الوقت نفسه يهمسون في ا ذان قادة العدوان: استمروا في عمليات الإيادة ونحن ندعمكم بكل الوسائل. .لقد حان ألأوان للتمييز بين العدو والصديق . ولم يعد اي مجال للشك بأن اميركا ودول الغرب واسرائيل هي العدو ويجب بناء جميع حساباتنا على هذه الفرضية التي ثبتت صحتها بالتاكيد.
سادسا : رافق العدوان الصهيوني على غزة تفجر الغرائز الصهيونية التوسعية الدفينة ،عبر سلوك المستوطنين الذين جاهروا هم وقادتهم ولا سيما بن غفير وسموترتش ، بنواياهم للإستيلاء على المسجد الأقصى والإعتداء على بعض دور العبادة المسيحية. كما ان المستوطنين وسعوا من اعتداءتهم على المواطينين الفلسطينين وجاهروا بضم الضفة الغربية بعد طردهم الى الأردن. اذ اصبح ضم الضفة الغربية خطة صهيونية يجاهر بها قادة اسرائيل والمستوطنون . وغالبا ما نسمع ان نتنياهو ينتظر قدوم ترامب لتحقيق هذه الخطة .
سابعا : في ضوء تقاعس الدول العربية المطبعة والتزامها الصمت المطبق والتخلي عن الفلسطينيين وقضيتهم وتركهم فريسة للسفاحين الصهيونيين ،آكد العدوان الصهيوني من جديد ان المقاومة الفلسطينية وحفاءها هم القوى الوحيدة القادرة على التصدي للعدوان .وهذا يقضي عدم المراهنة على أنظمة مطبعة تحالفت مع اعداء العرب اجمعين . وبالتالي ، يتوجب على جميع الفصائل الفلسطينية ان توحد صفوفها وتعتمد استراتيجية جديدة قوامها تجنيد جميع فئات الشعب الفلسطيني في محور واحد والتحالف مع القوى الوطنية ألأخرى للتصدي للعدوان وخطط الضم كجبهة واحدة متماسكة .
ثامنا: أظهر العدوان الصهيوني مدى التاييد الذي حظيت به القضية الفلسطينية في جميع انحاء العالم مما فضح النوايا الصهيونية الحقيقية وتدمير الصورة البراقة التي بناها الإعلام الصهيوني ( الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق ألأوسط) .و” الجيش الذي لا يقهر” فالعدوان على غزة واطالة امد الحرب من اجل إرتكاب اكبر عدد ممكن من المواطنين الفلسطينيين من أطفال واحداث ونساء وشيوخ . وما اكتسبته قضية فلسطين من دعم وتفهم دولي ، انما هو رصيد يجب استغلاله بكل الوسائل .
تاسعا : أثبتت الحقائق على الأرض زيف مقولة الدفاع عن النفس ، فقادة اسرائيل ، لا يملكون اي مبرر لإرتكاب المجازر وتدمير البنى التحتية والمؤسسات الإجتماعية والصحية في قطاع غزة ولبنان للدفاع عن النفس . لو كان الهدف هو الدفاع عن النفس ، فان أمامهم وسيلة اخرى مجانية وسلمية ومقبولة دوليا دون زهق ارواح العرب واليهود وهي : التخلي عن المشروع التوسعي والإحلالي . ولكن قادة صهيون يسخرون جميع ما يملكون من وسائل من اجل تنفيذ مخططهم التوسعي بانشاء اسرائيل الكبرى.

إن ما حدث في سوريا مؤخرا ،يحتاج الى مساحة أخرى . ولكن ما يمكن قوله باختصار، ان اسرائيل وتساندها دول الأطلسي (بما في ذلك تركيا) تسخر جميع اعتداءاتها من اجل تحقيق المشروع القديم الجديد اقامة “اسرائيل الكبرى” وهناك العديد من مخططات تقسيم الدول العربية جاهزة ، اما عن طريق التطبيع او استخدام القوة العسكرية. و تحقيق المخطط الصهيوني – الغربي ” اانشاء شرق اوسط جديد” بعد تدمير معظم الدول العربية او تحييدها. وهذا عنوان المرحلة المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock